جنين
أم لشهيد سطّر بدمه حكاية من حكايات العز في مخيم جنين، وزوجة أسير محكوم بالمؤبد منذ 21 عاما، وجميع أبناءها اليوم في سجون الاحتلال، وهي صابرة صامدة محتسبة، لتشكّل نموذجا مشرقا جسّد عطاء المرأة الفلسطينية وتضحياتها أمام بطش الاحتلال واعتداءاته.
في منزل الأسيرة المحررة أسماء أبو الهيجا، نرى حكاية الشهيد والأسير والجريح والمقاوم مجتمعة في بيت واحد، فذلك حمزة الشهيد، وذلك الزوج الأسير القيادي في حركة حماس الشيخ جمال أبو الهيجا، وأولئك الأسرى أبناؤها عبد السلام وعاصم وعماد الدين، وابنتها المحررة بنان.
ناهيك عن ذلك، فقد تعرضت أسماء أبو الهيجا للاعتقال من قبل سلطات الاحتلال بعد اعتقال زوجها بفترة، وتحديدا عام 2003، وتعمد الاحتلال اعتقالها ليلة العيد، ومكثت في الاعتقال الإداري مدة 9 شهور.
وكان الاعتقال “علامة فارقة” أصاب أسماء بالحزن والألم، حيث أعقبه اعتقالات لجميع أفراد العائلة ذكورا وإناثا ومرات عديدة لكل منهم.
واعتقلت قوات الاحتلال نجلها الأكبر عبد السلام قبل اعتقال الشيخ جمال أبو الهيجا بفترة وجيزة، وكان عمره حينذاك (17 عاما)، وقد تم الحكم عليه بالسجن سبع أعوام ونصف، وتواصلت بعدها سنوات السجن والاعتقالات المتكررة ليبلغ مجموع اعتقالاته حوالي 14 عاما.
أما نجلها والأسير عماد الدين أبو الهيجا متزوج وله أربعة أطفال، واعتقل سابقا حوالي 5 سنوات ونصف في سجون الاحتلال، تعرض خلالها لتحقيقات عسكرية وتعذيب وشبح طويل، واليوم معتقل إداري لدى سلطات الاحتلال منذ 8 شهور.
كما عانى عماد الدين من الاعتقالات السياسية لدى أجهزة أمن السلطة التي اعتقلته سابقا لمدة عامين تقريبا، شأنه شأن كافة أشقائه.
ونجلها الأسير عاصم أبو الهيجا (35 عاما)، هو الآخر من الأسرى الذين أمضوا عدة سنوات في سجون الاحتلال أغلبها في الاعتقال الإداري، ويواصل الاحتلال اعتقاله حتى اللحظة منذ 7 شهور، وحولته للاعتقال الإداري.
وكذلك اعتقل ابنها الأصغر حمزة عام 2011، وخرج من سجون الاحتلال منتصرا على سجانه ولم يعترف ولو بشق كلمة، وخرج ليكمل مشواره الجهادي، وليطارد بعد ذلك للسلطة لرفعه راية خضراء، ثم أصبح مطاردا للاحتلال لشهور طويلة، حتى استشهد في 22/3/2014 بعد محاصرته واشتباكه مع قوات الاحتلال الخاصة اشتباكا عنيفا.
وتفطر قلب الأم أسماء أبو الهيجا بعد تلقيها خبر استشهاد ولدها “حمزة”، الذي لم يفلح من الوصول إليها حينما كانت ترقد بالمستشفى، بسبب مطاردة الاحتلال له، وقال لها في آخر اتصال: “أمي سامحيني، لم أستطع إحضار هدية عيد الأم لك”.
وبقيت أسماء أبو الهيجا صابرة أمام هذه التضحيات العظيمة، وقصفت طائرات الاحتلال منزلهم، ما أدى إلى تدميره بالكامل وتشريد العائلة.
وما يزال الاحتلال يعتقل زوجها الشيخ جمال منذ أغسطس 2002، وذلك بعد تمكن قوات خاصة من اعتقاله، والحكم عليه بالسجن المؤبد 9 مرات بتهمة قيادة كتائب القسام.
واليوم تسجّل أسماء أبو الهيجا أسطورة جديدة من الثبات في وجه الاحتلال وأعوانه، وتؤرّخ مدرسة الصمود والثبات على الحق، مدرسة أسماء أم الشهيد والأسرى وزوجة الأسير والأسيرة المحررة.
أسماء من هدم بيتها أمام عينيها واقتحمته قوات الاحتلال عشرات المرات، وفي كل مرة تواجههم بجلَد أكبر وصبر وثبات، ولسان حالها دوما أن “الحمد لله رب العالمين وحسبنا الله ونعم الوكيل”.