بات الأسير القسامي القائد عبد الناصر عيسى على موعد مع فجر الحرية السبت المقبل، ضمن صفقة “طوفان الأحرار” لتبادل الأسرى مع الاحتلال الإسرائيلي، وذلك في إطار المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وقضى القائد عيسى أكثر من 32 عاما في سجون الاحتلال منها 29 متصلة، وحصل على درجة الدكتوراه في معتقله، وقاد عدة أنشطة ثقافية داخل الأسر، وأصدر مؤلفات وبحوثا علمية محكمة.
وفي صفقة “وفاء الأحرار” لتبادل الأسرى مقابل شاليط عام 2011، استثنى الاحتلال عبد الناصر من التبادل، وبقي في السجن.
الميلاد والنشأة
ولد عبد الناصر عطا الله عيسى في الأول من تشرين الأول/ أكتوبر 1968 بمدينة نابلس، لعائلة لاجئة من طيرة دندن شمال شرقي مدينة اللد المحتلة.
واعتقل والده العام الموالي لولادته وحكم عليه بالسجن 7 سنوات، وهدم الاحتلال منزل عائلته وهجرهم إلى مخيم بلاطة.
وفي مخيم بلاطة، نشأ عبد الناصر وتكونت شخصيته وبدأ جهاده ضد المحتل، وشارك في الاحتجاجات والمظاهرات، ما جعل ملاحقته من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلية أمرا متوقعا.
وفقد والديه أثناء فترة اعتقاله، إذ توفي والده عام 2006، وكان قد منع من زيارته قبل وفاته، كما توفيت أمه عام 2012 دون أن يسمح له بوداعها.
وحصل عبد الناصر على درجة البكالوريوس من الجامعة العبرية في تخصص العلوم السياسية عام 2007، وكان متقنا للعبرية، وأنجز تلك المرحلة بالمواجهة الدائمة مع إدارة السجن، إذ كان أسيرا في فترات من دراسته.
وكان مما يعاقب به في السجن، عرقلة دراسته ومنعه من إكمالها، مما جعله ينهي مرحلة البكالوريوس في 7 سنوات، ثم حصل على درجة الماجستير في دراسات الديمقراطية عام 2009، وكان معيدا جامعيا مشرفا على البرامج التعليمية.
وبعد ذلك بأشهر، ألغت مصلحة السجون الإسرائيلية تسجيله للدراسة من جديد بالجامعة نفسها في برنامج الفكر البيولوجي لـ”أسباب أمنية”.
وعام 2014 استطاع عبد الناصر أن يكمل مشواره وينال شهادة ماجستير أخرى في “الدراسات الإسرائيلية” من جامعة القدس في أبو ديس.
بداية العمل المقاوم
جمع حنكة وحكمة زميله في الأسر الشهيــد القائد يحيـي السنـوار، وصلابة وخبرة رفيق العمل العسكري الشهيـد المهندس يحيى عيـاش، وعقل وشكيمة زميله في الأسر الشيخ الشهيـد القائد صالـح العـاروري.
وفي بداية عمله المقاوم، أصيب برصاصة من قوات الاحتلال عام 1982، وذلك أثناء مشاركته في احتجاجات على مجزرتي صبرا وشتيلا جنوب لبنان، وأصيب بأخرى عام 1988.
والتحق عام 1983 بجماعة الإخوان المسلمين في مساجد مخيم بلاطة، واعتقل للمرة الأولى عام 1985، والثانية عام 1986، وفي تلك الفترة، التقى بالمفكر جمال منصور واستفاد منه كثيرا.
وكان الاعتقال الثالث لعبد الناصر عام 1988، بتهمة إعداد عبوة ناسفة، وصناعة قنابل “المولوتوف” ورميها على دوريات جنود الاحتلال، وقضى سنوات بالسجن عذب فيها، وهدم بيت أسرته، ثم توالت عليه الاعتقالات.
كان “أميرا” لأسرى الحركة الإسلامية التي ضمت عناصر حركتي المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي في سجن نابلس المركزي، ما بين عامي 1990 و1991.
ملازمة الشهيد المهندس عياش
وعام 1994 وبعد الإفراج عنه، سارع إلى الانضمام إلى كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، وتواصل مع قائد أركانها محمد الضيف لإعادة تفعيل خلايا القسام في الضفة الغربية.
كما لازم الشهيد المهندس يحيى عياش وتعلم من خبراته، ما أعاد اسمه ليكون على رأس سجلات المطاردة الإسرائيلية، وليكون المطلوب الثاني بعد عياش.
اعتبرته إسرائيل مطلوبا بالغ الخطورة لدوره في تدريب وقيادة عدد من الخلايا العسكرية، التي نفذت عمليات استشهادية داخل الأراضي المحتلة عام 1948.
ويوم 19 أغسطس/ آب 1995، اعتقل مجددا بتهمة تنفيذ عمليتي رمات غان ورمات أشكول، اللتين قضى إثرهما 12 إسرائيليا وأصيب العشرات.
وحكم على عبد الناصر بمؤبدين، بالإضافة إلى 7 سنوات، وأمعنت محكمة الاحتلال في إجراءاتها القاسية بحقه فعزلته في سجن عسقلان 24 شهرا وتحديدا بين عامي 1997-1999، ومنعت عنه زيارة الأهل والأقارب.
وستشهد فلسطين يوم السبت المقبل، أكبر دفعة تبادل للأسرى خلال المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، وسيتم تحرير 800 أسيرا فلسطينيا من بينهم 445 من معتقلي غزة خلال الحرب.
وأشار مركز معلومات فلسطين “معطي” إلى أن صفقة تبادل الأسرى ستحرر 51 أسيرا من أصحاب المؤبدات، و59 أسيرا من أصحاب الأحكام العالية، إلى جانب تحرير 47 أسيرا من صفقة شاليط والمعاد اعتقالهم في سجون الاحتلال.
وضمن الصفقة، سيتم تحرير إلى جانب عبد الناصر عيسى عدد من قادة كتائب القسام في الضفة الغربية، ومنهم عثمان بلال، وعمار الزبن، إضافة إلى كوادر آخرين من فصائل المقاومة.