نابلس
توافق اليوم، العاشر من أكتوبر، الذكرى الـ21 لاستشهاد القائد القسامي، هاني مصطفى عبد الرحمن رواجبة.
ولد المجاهد القسّامي القائد رواجبة في قرية عصيرة الشمالية الواقع شمال مدينة نابلس بتاريخ 3/7/1978م، في بيت عرف بالتزامه وصلاح أخلاقه بين سبعة من الإخوة والأخوات كان القسّامي هاني سادسهم.
ودرس مرحلته الابتدائية والثانوية في مدارس القرية، ولحبه للأرض والبقاء فيها والعناية بها ورغبة منه في مساعدة والده بإعالة أسرته الكبيرة ترك المدرسة لكي يعمل في الزراعة، يزرعها.. يحرثها.. ويعمل على إزالة الزوائد منشجر الزيتون والعنب.
كما كان قساميُّنا مجداً ونشيطاً في جميع المجالات وخاصة الرياضة المدرسية، حيث شارك في العديد من اللقاءات الرياضية المدرسية ومنها كرة القدم فكان ماهراً في حراسة المرمى ولمهارته فقد حصل على العديد من المداليات الذهبية.
الحياة الدينية
عَرَف شهيدنا القسّامي البطل هاني المساجد في حياته مبكراً، فكان برعما مميزاً في مسجد البلدة الشرقي، ومسجد أبوخليل، وهناك نهل كثيراً في حِلق العلم التي كان يعقدها شباب الحركة الإسلامية من بطولات الصحابة رضوان الله عليهم.
وتشرَّب الفكر الصحيح لدعوة رسوله الأكرم، كما كان مميزاً بفطنة وذكاءه، فقد حفظ من القرءان الكريم في مساجد البلدة أكثر من اثني عشر جزءاً من كتاب الله.
وفي عام 1999م ذهب رواجبة إلى المملكة العربية السعودية لكي يؤدي العمرة، ورغبة منه في الحصول على المزيد من الأجر الرباني وان يعم الخير على أهل بلدته، أحضر معه الكثير من المصاحف أثناء رحلة عودته من مكة المكرمة ووضع جزءاً منها في المسجد وقام بتوزيع ما تبقى منها على أهالي بلدته، كما شارك في إعمار مسجد بلدته ودون تلقي أجرة على ذلك.
مشواره الجهادي
عُرف عن الشهيد القسَّامي هاني رواجبة حبه الكبير للقسَّامي القائد محمود أبو هنود وقربه منه، وبعد توقيع اتفاقية “اوسلو” بين السلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني، كان من استحقاقاتها قيام السلطة باعتقال كل من يثبت قيامهم بعمل جهادي ضد الكيان الصهيوني، وفي أحدى عملياتها بالبحث عن المجاهد القسّامي القائد محمود أبو هنود قامت الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية باقتحام منزل المجاهد هاني رواجبة، بحجة البحث عن أبو هنود لعلاقة رواجبة الوثيقة معه.
وقامت السلطة بتفتيش المنزل تفتيشاً دقيقاً بحثاً عن أبو هنود، ولما فشلت في العثور على أبو هنود قامت باعتقال رواجبة، واقتادته إلى سجن أريحا للتحقيق معه عن مكان وجود أبو هنود، لمعرفة أجهزة أمن السلطة أن الرواجبة هو الذراع الأيمن لأبو هنود ومرافقه.
ومكث في سجن أريحا أكثر من 35 يوماً تعرض فيها لشتى أنواع التعذيب القاسي الجسدي والنفسي من قبل السلطة الفلسطينية قبل أن يفرج عنه، ليعاد اعتقاله بعد وضوح نشاطه في كتائب الشهيد عز الدين القسّام بعدها بسنة على يد جهاز “الأمن الوقائي” التابع للسلطة الفلسطينية، وتم نقله إلى المقر العام فيبيتونيا حيث تعرض للتعذيب القاسي، ونقل على أثرها إلى المستشفى بعد ثلاثة أيام نتيجة للضرب المبرح الذي تعرض له، ليعاد بعدها إلى السجن.
ولكن وبعد اندلاع انتفاضة الأقصى وقيام القوات الصهيونية بقصف سجون السلطة التي امتلأت بالمجاهدين، وقيام حركة جماهيرية باقتحام السجون للإفراج عن أبنائها، قامت السلطة الفلسطينية بالإفراج عنه وبقية إخوانه.
موعد مع الشهادة
وهنا بدأ حياة النضال مع رفاقه من جديد: طاهر جرارعة وإياد حمادنة وتحت إشراف القائد أبو هنود، حيث أبدع بالقيام بزرع العبوات الناسفة وتصنيع الأحزمة للعمليات الإستشهادية وكان يزرع الألغام في طرق العدو وخاصة في طريق “زواتا” القريبة من قرية “عصيرة الشمالية”.
وفي ذات يوم دخل رواجبة مع رفاقه إلى منطقة “صرَّة” قرب قرية “تل” غرب مدينة نابلس على الطريق الالتفافي الذي يوجد به الكثير من النقاط الاستيطانية لتنفيذ عمليتهم بتلغيم الشارع الاستيطاني بالعبوات الناسفة.
وكانت هذه العملية عبارة عن تفجير عبوتين: الأولى تحتوي على ما يزيد عن 50كغم من المتفجرات، والأخرى 30كلغم، وشاركه فيها المجاهدون: طاهر جرارعة ومحمود أبو هنود وإياد حمادنة بزرع عبوتين على طريق “صرة”، فقام طاهر وهاني بزرع العبوتين،وقام إياد ومحمود بالمراقبة.
وتم زرع العبوات بالمكان المحدد لها فقال طاهر لهاني: هيا لنغادر المكان، فقال له هاني : اذهب أنت وأنا سألحق بك، وبالفعل ذهب طاهر إلى محمود وإياد وكانت العبوات في محل التنفيذ، وبعد لحظات قليلة من الانتهاء من زراعتها حدث انفجار كبير صادر من العبوة الكبيرة التي كان رواجبة يجلس قربها، فهرع طاهر الذي لم يكن يبعد عن الانفجار بضعة أمتار إليه ليتفحص الأمر، وكان طاهر يظن بأن هاني قد أصيب بقدمه ولا يستطيع الحركة لمعرفته بقرب وجود هاني من العبوة.
وانتظرت المجموعة هاني لكي يعود إليهم بعد لحظات، ولكنه تأخر ولم يعد، فبدأت المجموعة بالبحث عن هاني بين الأشجار لعلهم يجدونه مصابا.
ولكن هاني لم يعد فأخذوا بالصراخ والنداء على هاني ولكنه لم يجب، واستمر طاهر ورفاقه بالنداء والتفتيش عن هاني وواصلوا البحث عن هاني لمسافة تزيد عن 100م، وهناك وجدوا هاني ممزقاً إلى أشلاء صغيرة جداً ومتناثرة، وقام الموجودون على جمع أشلاء جسده ووضعه في مستشفى رفيديا لكي يتعرف عليه أهله.
في تلك اللحظة بكى رفاق على لما شاهدوه كثيراً، وسارعوا بالاتصال بسيارات الإسعاف لإخبارهم عن مكان وجوده، ومع أن مصاب رفاقه كان بفدانه كان كبيراً، إلا أنهم رفضوا جميعاً العودة إلى عرينهم إلا بعد أن يكملوا ما أراده الرواجبة في ذلك اليوم، فقاموا بانتظار الجيب الصهيوني حتى مروره من ذلك الشارع، وقاموا بتفجير العبوة به، والاشتباك معه بأسلحتهم الرشاشة، ما أدى لإصابة اثنين من جنوده حسب ادعاء الإذاعة الصهيونية.
وقد نقل جثمانه القسّامي المجاهد هاني الرواجبة الطاهر ليوارى الثرى في مسقط رأسه “عصيرةالشمالية” بتاريخ 10/10/2001م.