توافق اليوم الذكرى السنوية الحادية وعشرين لاستشهاد المجاهد القسامي إبراهيم علي يوسف فايد من قرية “زرعين” القريبة من جنين، والذي ارتقى بقذائف دبابات الاحتلال في 12 أيلول/ سبتمبر لعام 2001.
اضطرت عائلة إبراهيم مع مئات العائلات إلى الهجرة بعد نكبة عام 1948، وتوجهت عائلته إلى قرية “زرعين” القريبة من جنين بالضفة الغربية، وهو أخ لعشرة من الأخوة نصفهم من الذكور وهو أصغرهم.
ترك شهيدنا القسامي المدرسة قبل أن يحصل على شهادة الثانوية العامة، لساعد في إعالة أسرته الكبيرة، ولكون شقيقه جمال معتقل في سجون الاحتلال الإسرائيلي لمدة أربعة أعوام في تلك الفترة.
صاحب الخط الجميل
بسبب خطه الجميل أصبح دائماً يشارك في كتابة نعي الشهداء الذين يرتقون دفاعاً عن وطنهم فلسطين، وما تزال أزقة وشوارع مخيم اللاجئين الفلسطينيين في جنين تحمل الشعارات التي تدعوا إلى الإضرابات وإلى الوحدة الوطنية وإلى الثأر للشهداء والتي خطها بيده.
رغم جسمه النحيف إلى أن شبان المقاومة في مخيم جنين سلموا القسامي المجاهد إبراهيم أفضل أسلحتهم من نوع أم 16، وذلك لمهارته الكبيرة في التصويب.
وضمن عمله الجهادي، تمكن إبراهيم من قنص اثنين من الصهاينة بعد تحينه فرصة إخراج رؤوسهم من الدبابات التي تحصنوا فيها، واصطادهم فسقطا صرعى كما روى العديد من شبان المخيم، إلا أن سلطات الاحتلال تكتمت على الخبر كعادتها.
سلم وصيته لأهله
سلم أهله وصيته قبل استشهاده، وطلب منهم عدم فتحها إلى بعد نيل الشهادة، ولم يخشى من الموت، واستهل شجاعته من الشهيد القائد عماد عقل، وكان معجب بشجاعة الاستشهاديين إلا أنه كان أكثر عشقاً للمواجهات المسلحة.
كان كثير الحديث عن بطولات عماد عقل، أحد أشهر القساميين في المواجهات المسلحة والذي استشهد في 24/11/1993، وحفظ رفاقه بطولات عماد من كثرة ما تحدث عنه في مجالسهم، رغم عدم معرفته به أو لقائه.
لم تكن بدلته العسكرية تبارح جسده والذي تمنى الشهادة بها، لتكون شاهدة على بطولته وشجاعته، وكان يتوقع الشهادة في كل وقت، لذلك لم يتفاجأ أهله كثيراً باستشهاده، وقابلوا ذلك بصبر كبير وحمد لله على نيله للشهادة، تنفيذاً لوصيته التي طلب فيها بتوزيع الحلوى في يوم “عرسه” وأن تزغرد أخواته.
المطاردة والشهادة
بدأت ملاحقة الاحتلال الإسرائيلي للمجاهد القسامي إبراهيم بعد اشتباك مسلح وقع قبل أشهر من استشهاده، على الشارع الالتفافي بجنين نفذه مقاومون من كتائب القسام وكتائب شهداء الأقصى، وأسفر عن مقتل مغتصبة صهيونية، وعاد المجاهدون إلى قواعدهم بسلام.
كان إبراهيم سبّاقاً في الذهاب لمواجهة المحتل والاقتراب منه، لإيقاع أكبر عدد من القتلى في صفوفهم، وهو ما شاهده العشرات من المسلحين في المواجهات الليلية لإحباط المحاولات الصهيوني لدخول المخيم، وفي إحدى المرات لم تفصل بينه وبين الدبابات إلا بضع أمتار.
وفي يوم استشهاده، قفز هو والشهيد إياد المصري الذي ارتقى معه على ظهر دبابة عسكرية، وحاولا فتح بابها لقتل من بداخلها، إلا أن دبابة أخرى أطلقت عليهم قذيفة أخطأتهم قبل أن يقفزا من على ظهر الدبابة.
وبعد صلاة العصر من يوم الشهادة، غطى إبراهيم وإياد وجهيهما بدهان أسود للتمويه أمام قوات الاحتلال، وبدأ فصل جديد من مواجهة جنود الاحتلال، وخاضا اشتباكاً مسلحاً قبل أن يرتقيا شهداء بقذائف الدبابات، التي حولت جثمانهما الطاهر إلى أشلاء.
وأهدى الشهيد القسامي المجاهد إبراهيم فايد في وصيته، عرس استشهاده إلى كل من اتخذ الله غايته ورسول الله قدوته والجهاد في سبيل الله طريقه الوحيد لتحرير المسجد الأقصى من دنس الصهاينة، لا طريق الذل والخذلان.