توافق اليوم الذكرى الواحدة وثلاثين، لارتقاء الاستشهادي القسامي سلامة أحمد سلامة يوسف من قرة بدرس بمحافظة رام الله والبيرة، والذي انطلق لتنفيذ عملية استشهادية في 2 تشرين الثاني/ نوفمبر لعام 1993.
ولد المجاهد القسامي سلامة عام 1973 في قرية بدرس، وأطلق عليه والده اسم سلامة كي يسلمه الله من كل سوء، وبعد عشرين حولاً كاملة انطلقت الزغاريد مهنئة باستشهاد البطل سلامة، وهي تحمل حكاية طويلة عن شاب لم يرض الذل لوطنه.
ونشأ سلامة في مساجد قريته وتربى على حفظ القرآن الكريم وحضور الجلسات الإيمانية، التي زادت من تعلقه بدينه وصقلت شخصيته الخلوقة والهادئة، أما في دراسته فكان المتفوق دائماً في مدرسته نعلين الثانوية.
وبسبب تعلقه الشديد بتعاليم دينه اختار سلامة أن يدرس الشريعة الإسلامية في جامعة القدس- أبو ديس لتكون منارته في تعليمه وذخراً لوطنه وأهله، ولم يتوان عن العمل بنشاط كبير داخل صفوف الكتلة الإسلامية.
محطة الاعتقال
كما هي مساكن الثابتين دوماً وضع الاحتلال عينه على سلامة ذاك الطالب النشيط الذي لا يتوانى لحظة عن تقديم كل جهده في خدمة دينه ووطنه من خلال الكتلة الإسلامية، فاعتقله لمدة تسعة أشهر متهماً إياه بالعمل لصالح حركة حماس خلال الانتفاضة الأولى عن طريق الدراسة في الجامعة.
وبعد تحرره من سجون الاحتلال وظن الكثيرين بأن سياساته تردع الفلسطينيين فاجأ سلامة عناصر من حركة حماس بطلبه أن يكون واحداً من مجاهديها العسكريين، وبعد التدقيق في ملفاته الأمنية وتاريخه إخوانه المشرق تحقق طلبه.
لكن الحال لم يدم بسلامة طويلاً إلا وألحّ على إخوانه المرابطين أن يصنع فجراً جديداً يشفي صدور الفلسطينيين، وبالفعل تحقق حلمه الذي كبر معه منذ الصغر وأرسلته كتائب القسام لتنفيذ عملية استشهادية في سيارة مفخخة أعدتها لتفجرها في حافلة عسكرية للاحتلال في مستوطنة شيللو قرب قرية سنجل.
واختار الشهيد سلامة يوم الثاني من تشرين الثاني لعام 1993 الذي يوافق ذكرى وعد بلفور المشؤوم، ليمحي جزءاً من الظلم الذي ألم بأهل وطنه وبأرضه المقدسة.
وبالفعل أعدت كتائب الشهيد عز الدين القسام، سيارة من نوع (سوبارو) وجهزت عبوات ناسفة تم ربطها باسطوانات غاز وعدد من القنابل اليدوية داخل السيارة التي كان من المقرر تفجيرها بمحاذاة حافلة عسكرية تمر يومياً على الطريق المؤدي إلى مستوطنة (شيلو).
موعد الشهادة
في نحو الساعة السادسة والنصف من صباح يوم الثلاثاء خرج الشهيد بسيارته على الطريق المتفرعة من قرية سنجل القريبة من المستوطنة، حتى انفجرت العبوة الناسفة ما أدى إلى استشهاد البطل وتناثر أشلائه دون أن يتمكن من إكمال مهمته والاصطدام بالحافلة العسكرية وتفجيرها.
وبهذا يكون سلامة قد حقق أمنيته التي طالما حلم بها بنيل الشهادة حتى يتمتع بكرامات الشهيد التي تروّى في معرفتها طوال حياته، وليحطم نظرية الاحتلال في زعمه بان الاستشهاديين ينفذون عملياتهم نتيجة ضغط نفسي وعن جهل تام بنتائجها.
ولعل أكثر ما يصف تأثير تلك العملية البطولية المعنوي على أمن الاحتلال أن الشهيد سلامة هو الذي جعل قائد المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال يقول أمام الصحفيين بعد تفقده مكان العملية:” إن مشكلتنا هي بالأساس مع أولئك الشبان المستعدين لجعل أنفسهم قنابل حية، فمن الصعب جداً مواجهة هذه النوعية من الأشخاص”.