روى النائب حاتم قفيشة شهادته حول مجزرة المسجد الإبراهيمي والذي عدّه أكثر الأيام صعوبة في حياته، حيث كان متواجدا في المسجد لحظة وقوع المجزرة التي نفذها المستوطن المجرم “باروخ جولديشتان”.
وقال النائب قفيشة: “منذ ذلك اليوم وما قبله وحتى اليوم وأنا أرتاد المسجد الإبراهيمي، وكنت يومها مسبوقا بالصلاة ومتوجها للمسجد مشيا على الأقدام بحدود 700 متر، وبدأ الشيخ الإمام عادل إدريس يقرأ في سورة السجدة، وبدأت الهرولة للحاق بسجود التلاوة”.
وأضاف: “فوجئت بعدم تواجد أي من جنود الاحتلال على درج المسجد الإبراهيمي، حيث يتواجدون بشكل يومي م في هذا المكان، وكذلك منطقة الجاولية أحد أروقة المسجد، وطول المسافة بينهما لم يكن هناك أي تواجد لقوات الاحتلال التي لم تكن تفارق تلك المنطقة دوما”.
وتابع: “دخلت الباب السليماني وعندها تفاجأت بدخول جندي يضع واقع على أذنيه ويحمل سلاح “ام 16” جاء من صحن المسجد، وصعد إلى “السدة” الموجودة داخل المسجد والتي يخرج لها بدرج حديدي لولبي، بالتزامن مع سجود الإمام سجود التلاوة”.
بداية المجزرة
وأشار إلى أنه عند محاولته اللحاق بسجود التلاوة انطلق الرصاص صوب المصلين، وكان على بعد 15-20 متر، ورأى الرصاص يدخل ظهور المصلين الذين همّوا بالسجود.
وقال قفيشة: “يظهر فجأة ثلاثة جنود في باب السيلماني وأغلقوا الباب بأجسادهم، وصحت بهم إنه يقتل المصلين، فطلب مني السكون وإلا سيقتلني”.
وذكر أنه في الوقت ذاته بدأت جموع المصلين بأعداد كبيرة بالهروب من منطقة إطلاق النار، وفورا انسحب الجنود، وتوجهت الناس نحو الباب الشرقي للمسجد الإبراهيمي، في حين تواصل إطلاق النار والذي استمر من 6-7 دقائق بشكل مستمر.
نزيف متواصل
وأكد قفيشة أن المجزرة ما زالت تستنزف الخليل والجرح النازف في قلب الخليل وخاصرتها الرخوة البلدة القديمة، فيما لا زالت البلدة القديمة تخضع لإجراءات مشددة وعلى رأسها إغلاق أكثر من 1500 محل تجاري في أماكن متميزة في قلب البلدة.
وأضاف أن العديد من المساجد في الخليل أغلقت بشكل كامل منها مسجد الأقطاب والوكالة والكيال والبركة، أصبحت منذ ذلك اليوم لا تفتح نهائيا ولا تقام بها الصلوات.
ولفت إلى أن المسجد ما زال ينزف والمعاناة مستمرة في البلدة القديمة التي أصبحت عبارة عن قفص ببوابات إلكترونية وإجراءات عسكرية وأمنية مشددة.
معاقبة الضحية
وشدد قفيشة على أن الاحتلال اليوم يواصل معاقبة الضحية ويضيّق عليها ويلاحقها، فيما الجلاد والقاتل أصبحوا وزراء وقادة في حكومة الاحتلال وجيشه، ما يؤكد أن هذه الجريمة كانت بمباركة ودعم وتأييد كل الأطراف في دولة الاحتلال.
ورغم كل إجراءات الاحتلال بحق المسجد الإبراهيمي إلا أن قلوب أهل الخليل والمسلمين بشكل عام ما زالت متعلقة بالمسجد والبلدة القديمة، ولا تترك فرصة للرباط وإحياء الفجر العظيم في المسجد إلا وتستغلها، حتى أصبح هناك تواجد دائم في المسجد، كما ذكر قفيشة.
وأكد على أنه وبعد 29عاما من مجزرة المسجد الإبراهيمي، فإن هذه المجزرة متواصلة وليس ببعيد عنا مجازر الاحتلال في نابلس وجنين وأريحا في الأيام الماضية، بما يؤكد أن هذه المجازر هي نهج تأسست عليه دولة الاحتلال منذ قيامها عام 1948 وقبل ذلك وحتى اليوم.
وتوافق اليوم الذكرى السنوية التاسعة وعشرين للمجزرة البشعة التي ارتكبها المستوطن الإرهابي باروخ غولدشتاين، داخل المسجد الإبراهيمي بالخليل، وإطلاقه النار صوب المصلين، ما أسفر عن ارتقاء 29 منهم وإصابة 150 آخرين.
ونفذ المجرم غولدشتاين مجزرته يوم الجمعة الخامس والعشرين من شباط/ فبراير لعام 1994، داخل المسجد الإبراهيمي، وأغلق جنود الاحتلال أبواب المسجد لمنع المصلين من الخروج، كما منعوا القادمين من الخارج للوصول لإنقاذ الجرحى.
وأثناء تشييع جنازات الشهداء، أطلق جنود الاحتلال النار صوب المشاركين، ما رفع إجمالي الشهداء إلى 50 شهيداً، 29 منهم استشهدوا داخل المسجد.
وتصاعدت الاحتجاجات مع قوات الاحتلال في الخليل وقراها وكافة المدن الفلسطينية، وبلغ عدد الشهداء الذين ارتقوا نتيجة هذه المواجهات إلى 60 شهيداً ومئات الجرحى.
وخرجت سلطات الاحتلال في حينه بعدة توصيات، منها: تقسيم المسجد الإبراهيمي إلى قسمين، وفرضت واقعا احتلاليا صعبا على حياة المواطنين في البلدة القديمة، ووضعت الحراسات المشددة على المسجد، وأعطت للاحتلال الحق في السيادة على الجزء الأكبر منه.
ويواصل الاحتلال مساعيه الحثيثة في السيطرة الكاملة على المسجد وإلغاء اعتباره وقفاً إسلامياً خالصاً، عبر إغلاقه أكثر من مرة ومنع رفع الآذان فيه.