منذ انطلاقتها عام 1987م كانت القدس بوصلة حركة حماس، وظلت وجهتها الحاضرة على طول تاريخ جهادها، تبذل في سبيلها التضحيات، وتقدم من أجل قدسيّتها وأقصاها الشهداء والدماء، وتُنازِل في كل ميادين البطولة على طريق تحريرها، أصل ثابت في ميثاقها وعهد راسخ في هويتها.
“بالروح بالدم نفديك يا أقصى”، شعار هتفت به أفعال أبطال حماس قبل حناجرها، منذ اندلاع انتفاضة الحجارة وزخمها عام 1987م، مرورًا بعملياتها الفدائية ونصرة الأقصى في انتفاضة شعبنا الثانية عام 2000م، ودورها الكبير في “انتفاضة القدس” عام 2015، وليس انتهاءً بمعركة “سيف القدس” التي انتصرت فيها للأقصى والقدس وأحيائها.
سيف القدس
ومثلت معركة “سيف القدس” محطة فارقة في تاريخ شعبنا ونصرة قضية القدس والأقصى في العاشر من مايو عام 2021م الماضي، حين وجهت كتائب القسام أول ضربات صواريخها على الداخل المحتل، ردًا على جرائم الاحتلال المتواصلة في المسجد الأقصى المبارك وحي الشيخ جراح المهدد بالتهجير.
وخاضت المقاومة معركتها بعد تحذير محمد الضيف قائد هيئة أركان كتائب القسام، الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه، قائلًا: “إن لم يتوقف العدوان على أهالي حي الشيخ جراح في القدس المحتلة، في الحال، فإن كتائب القسام لن تقف مكتوفة الأيدي، وسيدفع الاحتلال الثمن غاليا”.
وجنبا إلى جنب، هبت كل مدن فلسطين في الضفة والداخل المحتل لتأخذ دورها في المعركة، وتشعل الأرض لهيبا تحت أقدام المحتل عبر المسيرات الشعبية الغاضبة والمواجهات وعمليات الدهس والطعن وإطلاق النار، حيث ارتقى 32 شهيدًا في الضفة والقدس، وجرح المئات.
سيف مشرع حتى التحرير
وظل سيف القدس مشرعًا بيد أبطال حماس، يدافعون به عن المدينة ومقدساتها، ففي يوم 26/09/2021م ارتقى ثلاثة مجاهدون من كتائب القسام من قرية بدو، وهم القائد القسامي أحمد إبراهيم زهران والمجاهد القسامي زكريا إبراهيم بدوان والمجاهد القسامي محمد مصطفى حميدان، خلال اشتباك مع قوات الاحتلال في جبال القدس.
وفي السابع عشر من نوفمبر 2021م، ارتقى ابن حماس البطل الفتى الصنديد عمر أبو عصب (16 عامًا)، بعد تنفيذه عملية طعن بطولية في البلدة القديمة القدس المحتلة، أسفرت عن إصابة جنديين من قوات الاحتلال بجروح.
أما الضربة المؤلمة للاحتلال فجاءت من مخيم شعفاط في 21 من نوفمبر 2021م، عندما تقدم رائد الدعوة والإصلاح، الشيخ المجاهد فادي أبو شخيدم قابضًا على سلاحه بقوة، متقدما بشجاعة صلاح الدين، ليضرب المحتلين برصاص الحق المبين، ويجندلهم بين قتيل وجريح، ويرتقي شهيدًا على أبواب البلدة القديمة في القدس المحتلة.
الثوار يواصلون
واستبسل ثوّار حماس في مخيم شعفاط شمال القدس المحتلة خلال المواجهات العنيفة والحصار المشدد الذي فرضه الاحتلال على المخيم عقب تنفيذ أيقونة الشجاعة والإقدام الشهيد المقدسي البطل عدي التميمي، عمليته البطولية الأولى النوعية على حاجز شعفاط التي نفذها من مسافة صفر، والتي أسفرت عن مقتل مجندة وإصابة اثنين آخرين.
وشكّل الثوار حاضنة شعبية لفدائي المخيم “التميمي” إلى أن ارتقى شهيدا بعد 11 يومًا من فشل الاحتلال في العثور عليه، في 19 أكتوبر 2022م، بعد تنفيذ عملية إطلاق نار بطولية ثانية على مدخل مستوطنة “معاليه أدوميم” شرق مدينة القدس المحتلة، أظهر فيها شجاعة استثنائية في استمرار اشتباكه مع الاحتلال حتى والرصاص ينهمر عليه.
ونعت حركة حماس ابنها الشهيد البطل المطارد المجاهد عدي التميمي من بلدة عناتا بالقدس، الذي خضّب تراب القدس بدمه الطاهر.
ويواصل المقاومون في كل بقعة من فلسطين طريق عزتهم نحو المدينة المقدسة، ويشدّ المرابطون من القدس والضفة والداخل المحتل الرحال إلى الأقصى، ومع كل شهيد يرتقي تؤكد حركة حماس أنها ماضية في جهادها حتى تحرير المقدسات وفلسطين كل فلسطين.