تُمارس آلة القهر الصهيونية فنونها القاتمة بحق الأسيرات الفلسطينيات في سجن الدامون، حيث الاعتداءات الممنهجة، والتنكيل الذي يُذيب البشر إلى أشباح؛ وتُحاك مأساة الأسيرات بأيدٍ تقطع أوصال الكرامة، وتُحوّل الجسد إلى أرضٍ بور.
ويضم سجن “الدامون” بين جنباته زنازين تحتضن أرواحا اختطفتها ما تسمى بمصلحة السجون الصهيونية، عبر إجراءات قمعية وعقوبات انتقامية، وسياسة اعتقال تعسفية تهدف إلى كسر إرادتهن.
القمع لا يتوقف
وتشهد سجون الاحتلال تصاعداً لافتاً في وتيرة اقتحام زنازين الأسيرات الفلسطينيات، خاصة بعد سبتمبر/أيلول 2024، حيث حوّلت إدارة السجون كافة تفاصيل الحياة اليومية للأسيرات إلى أدوات تعذيبٍ ممنهج، وفقاً لتقارير حقوقية.
واقتحمت قوات القمع غرف الأسيرات في سجن الدامون قبل أسبوع أجبرن خلالها على التفتيش العاري في انتهاك صارخ للكرامة الإنسانية.
وتعيش الأسيرات تحت تضييق متواصل وظروف صعبة في ظل القمع والانتهاكات التي أصبحت جزء من حياتهن اليومية خلف القضبان.
وتمّ نقلهن لاحقا إلى غرفة الكنتينا، حيث صودرت كافة علب الطعام التي كنّ قد جمعنها لاستخدامها في شهر رمضان المبارك، وتكررت عمليات القمع ثلاث مرات في قسم الأسيرات، بحيث يتم اقتحام غرفة تلو الأخرى، في محاولة لبث الرعب وتحطيم معنوياتهن.
إضافة إلى ذلك؛ تمارس إدارة سجون الاحتلال سياسة التجويع المتعمد بحقهن، حيث يقتصر الغذاء اليومي على البقوليات من حمص وعدس وأرز وشوربة بازيلا فقط، ولا يُسمح لهن بتخزين طعام يكفي لوجبة السحور، ما يضطرّهن للاكتفاء بشرب الماء فقط بعد ساعات طويلة من الصيام.
وكشفت شهاداتُ أسيراتٍ فلسطينياتٍ أُفرج عنهن مؤخراً عن انتهاكاتٍ خطيرةٍ تعرضن لها خلال فترة اعتقالهن في سجون الاحتلال الإسرائيلي، تتراوح بين التعذيب الجسدي والنفسي، والإهمال الطبي المتعمد، وظروف احتجازٍ لا إنسانية.
جحيم وشهادات موثقة
تتطابق شهادات المحررات مع عشرات الروايات التي وثقتها منظمات حقوقية، والتي تؤكد تعرض الأسيرات لـ:تفتيش جسدي عارٍ مصحوب بإهانات لفظية وحرمان من الاحتياجات الأساسية كالغذاء الكافي والملابس والأغطية و تعذيب نفسي عبر التهديد بالاعتقال المُجدد أو إيذاء الأهل بالإضافة للإهمال طبي متعمد، خاصةً مع وجود أسيراتٍ يعانين من أمراض مزمنة.
بحسب تقارير “هيومن رايتس ووتش”، تحوّل سجن الدامون إلى “رمزٍ لانتهاك حقوق الأسيرات”، حيث تُحتجز نساءٌ وأطفالٌ في زنازين مكتظة، تُمنع فيها الزيارات العائلية، وتُخزَّن الأدوية الأساسية في ظروف غير ملائمة. وتُشير إلى أن 70% من الأسيرات المُحررات تعرضن لشكلٍ من أشكال التعذيب الجسدي.
رغم المحاولات الإسرائيلية لكسر إرادة الأسيرات عبر هذه الانتهاكات، إلا أن تُظهر كيف حوّلن الزنازين إلى ساحاتٍ للصمود، فيما تواصل منظمات دولية الضغط لفضح سياسات الاحتلال، والمطالبة بمحاسبة قواته على جرائمها التي تُنتهك القانون الدولي.
صمتٌ دولي مُريب
ورغم إدانة منظمات دولية لهذه الانتهاكات، ووصفها بأنها “خرقٌ فاضح للقانون الدولي”، لا تزال آلة القمع الإسرائيلية تواصل انتهاكاتها، وسط غياب آليات دولية فعّالة لحمایة الأسيرات، خاصةً مع استمرار احتجاز 24 أسيرة، بينهن أطفال وأمهات ومريضات.
هذه الانتهاكات ليست سوى فصلٌ آخر من سجلّ الاحتلال الأسود، الذي يحوّل حتى جدران السجون إلى أدواتٍ لاستهداف كرامة الفلسطينيين، بينما تُواصل الأسيرات كتابة ملحمة صمودٍ تفضح وحشية الآلة العسكرية الإسرائيلية.
أكد مكتب إعلام الأسرى أن هذه الجرائم بحق الأسيرات مرفوضة جملة وتفصيلاً، وتُعدّ انتهاكا صارخا لكل القوانين الدولية والإنسانية.
وشدد المكتب على ضرورة تفقد أوضاع الأسيرات بشكل عاجل، وتوفير الحماية لهن، وضمان تلبية احتياجاتهن الأساسية، وهذه مسؤولية المؤسسات الحقوقية والأممية، مطالباً بمحاسبة الاحتلال على جرائمه المتكررة بحق النساء الفلسطينيات في سجونه.