رام الله-
لا تقتصر نتائج عملية إطلاق الرصاص على حافلة للمستوطنين قرب سلواد الليلة الماضية على ما ألحقته من قلق في صفوف الاحتلال، بل امتدت لتذكره برعب عاشه في ذات المكان.
فقرية سلواد الواقعة شمال شرقي رام الله، تحمل إرثاً عظيماً من المقاومة، جيلاً بعد جيل منذ الثلاثينيات.
ليس غريباً على بيئة سلواد المقاومة أن تحتضن مثل تلك العمليات، وعودة العمل المسلح ضد الاحتلال في الضفة الغربية انتقالاً من جنين ونابلس إلى رام الله.
انطلاقة جديدة
فمنذ ٢٥ حزيران الماضي تصاعدت عمليات إطلاق النار بعد اعلان استشهاد الفتى محمد عبد الله حامد، وقد تكررت العمليات التي تستهدف نقطة جيش الاحتلال العسكرية وشارع 60 الاستيطاني.
وخلال الشهرين الماضيين شنت قوات الاحتلال حملات اعتقال واسعة في صفوف شبان سلواد، طالت العشرات منهم.
وحول الاحتلال عدداً كبيراً من المعتقلين إلى الاعتقال الإداري، كما أخضع عدداً آخر للتحقيق الذي وصل لنحو الشهر، ما يؤكد عبثية هذه الاعتقالات وعدم وصولها للنتيجة التي يسعى لها الجيش.
ويؤكد تكرار عمليات إطلاق النار ونجاح انسحاب منفذيها، على فشل جيش الاحتلال بالوصول إليهم، وعدم نجاح سياسة الردع والعقاب الجماعي.
استراتيجية جديدة
وبات المقاومون يتبعون استراتيجيات متنوعة لا تقوم على شكل واحد في تنفيذ عمليات إطلاق النار، بدءاً من اختيار الأماكن، والتوقيت، وصولاً إلى استدراج قوات الاحتلال ومعاودة استهدافها.
وتميزت عملية عيون الحرامية الأخيرة بأن منفذيها اختاروا المكان أولاً، ثم حددوا هدفهم المتمثل بحافلة مستوطنين في طريقها بين مستوطنتين وذلك بعد انتهاء السبت.
وتمكن المنفذ من استعادة المكان والزمن الذي يصادره المستعمر ويستولي عليه، وهو ما تمثل بإعادة فرض الفلسطيني معادلة مكانية زمانية جديدة يقودها ويتحكم فيها متحرراً من السيطرة الاستعمارية.
ويبدو جلياً مدى عشوائية فعل جيش الاحتلال وتخبطه، سواء بفشله في الوصول إلى المنفذين، أو محاولاته المستمرة بفرض قمع على سلواد واقتلاع مقاومتها التي لا تنفك عن الانبعاث.
وكما تقول ابنة سلواد الصحفية شذا حماد فإن فعلاً مقاوماً واحد ربما لا يستعيد وطناً، ولكنه يراكم على سابقه، ويبني تاريخياً متواصلاً، والأهم أنه ينشأ حصناً متيناً حول الجغرافية – كسلواد- ويحددها كبؤرة مواجهة لا تهدأ، ولا يُتوقع فعلها بزمانه ومكانه، وقد احتفظت بعنادها الذي لا يلين.