سجن أريحا المركزي أو “مسلخ أريحا” كما يُطلق عليه النشطاء الفلسطينيون والمعتقلون السياسيون السابقون فيه، يوصُف بمركز التعذيب رقم 1 من بين سجون السلطة، ومن يُجلب إليه يتعرض للتعذيب الوحشي بوسائل مختلفة يفوق التعبير عنها حدّ الوصف أو السرد، خاصة وأنّ معظم المعتقلين بداخله التهمة المُوجّهة على خلفية سياسية. منهم من ينتمي إلى حركة حماس والجهاد الإسلامي، ومنهم ينتمي إلى عناصر من تيار فتح يرفضون سياسات السلطة وانتهاكاتها بحقِّ الفلسطينيين والنشطاء المُعارضين للفساد المستشري داخل أروقة ومؤسسات السلطة المختلفة.
ويُعرف سجن أريحا بِتبعيته ومرجعيته لأجهزة سلطة محمود عباس التي تفرض سيطرتها الأمنية المشدَّدة في الضفة الغربية المحتلة، ولا تسمح للمؤسسات الحقوقية بالرقابة عليه باستثناء مؤسسة حقوقية واحدة تسمح لها بزيارة المعتقلين وهي الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان وتتبع لها ولايسمح لأي جهة غيرها، وهذا إن دل فإنه يدل على حجم الانتهاكات والتعذيب المُمنهج الذي يقع تحت سطوته كل من يُعتقل ويُزج به داخله سواء النشطاء السياسيين أو الشباب الفلسطيني المُقاوم ضد الاحتلال.
ولم تكتفِ بذلك، بل تُحارب أيضًا غالبية الشباب الثائر المجاهد الذي يتصدّى لجرائم الاحتلال الصهيوني وتقوم باعتقالهم تعسفيًّا عبر تبادل الدور مع قوات الاحتلال الصهيوني من خلال ما يُعرف سياسة الباب الدوار في الاعتقال .
ولم تتوقف سلطة فتح محمود عباس عن استخدام سياسة الانتهاكات التعسفية واتباع أساليب التعذيب المُمنهج والتهديد والتخويف والقمع في تعاملها مع النشطاء السياسيين المُدافعين عن حقوق الشعب الفلسطيني الذي يقع تحت الاحتلال، وهناك شهادات مُروِّعة وصادمة تحدَّث بها من تم اعتقاله وسجنه في مسلخ أريحا، من أبرز تلك الشهادات ما ذكرته سهى جبارة وهي أم لثلاثة أطفال حيث تم تهديدها بالاغتصاب وسحب حضانة أطفالها يوم أن كانت معتقلة فيه، وقد رأت من أشكال وألوان العذاب ما لا يتصوره عقل لا سيِّما ونحن نتحدث عن امرأة تنتمي لفلسطين وشعبها، ولم ترتكب أي جُرم حتى يتم اعتقالها والتحقيق معها من الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية والتي تواصل مسلسل اعتقالاتها السياسية للنشطاء والشباب الفلسطيني في خطوة تجاوزت بها الأعراف والقوانين والمواثيق الدولية التي تُجرِّم تعذيب المدنيين .
ولكن سلطة فتح محمود عباس لا خطوط حمراء تقف أمام سياساتها بل ترتكب كل ما هو ممنوع ومُدان فلسطينيًا وشعبيًا كما فعلت مع الناشط والمعارض السياسي نزار بنات والذي قتلته مع سبق الإصرار والترصد، يُضاف إلى ذلك تعمدها استخدام طرق ووسائل التعذيب داخل سجن أريحا أو ما يعرف بالمسلخ، منها الشبح والحرمان من النوم والأكل وسحب الفراش والضرب بالأيادي وتكبيل القدمين والعنف اللفظي وسوء المعاملة ورؤية أشخاص مشبوحين، كل ذلك بحسب شهادات معتقلين سواء من أُفرج عنهم أو ما زالوا قيد التحقيق والتعذيب كالمعتقل السياسي أحمد هريش الموجود حاليًا داخل مسلخ أريحا منذ 45 يومًا، وقد قال في جلسة محاكمة عُقدت له منتصف الشهر الماضي/ “أنا الي أسبوع في زنازين أريحا حيث كان يتم شبحي من معاصم يدي بحبل وتم تعذيبي بواسطة الطوب والحديد وجرّي إلى الخلف وأساليب تعذيب أخرى”.
ولعلّ هذا الظلم والوحشية في التعامل معه ومع المعتقلين السياسيين يُظهر مدى القهر في وطنٍ كان من الأجدر على قادته وسلطته التي تدَّعي الوطنية وتحمل الهوية الفلسطينية أن تُكرّمهم وتُحافظ على حياتهم لا أن تقوم بشكل متعمد بانتهاكها بالإهانة والإذلال والاعتقال والتنكيل داخل سجن أريحا الذي يُعد مركز تعذيب ويُشكِّل كابوسًا مُرعبًا للمعتقلين داخله كون مَن تديره أجهزة السلطة التي تمتهن أساليب التعذيب من سنوات طويلة في ذاك “المسلخ” والذي يقع في منطقة شفا الغور بأريحا شمالي الضفة الغربية المحتلة، ويوجد فيه قسمان واحد للرجال وآخر للنساء تحتجز فيه السلطة المعتقلين على خلفيات جنائية وسياسية.
وقد أطُلق عليه اسم غوانتانامو السلطة الفلسطينية تبعًا لمقارنته بسجن أقامه الأمريكيون في كوبا في ذلك الوقت والذي تم إغلاقه منذ ذلك الحين.