لا يحتاج العمل لأسر جنود إسرائيليين إلى أوامر من رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، ولا يحتاج إلى إيعاز من نائبه صالح العاروري، وقيادة الحركة في غزة ليست بحاجة إلى من يستحثها للقيام بواجبها الديني والوطني، والتحرك من أجل أسر جنود إسرائيليين، ومهما كانت ردة فعل الصهاينة، وذلك لأن أسر الجنود الإسرائيليين بكل الطرق والوسائل المتاحة بهدف تحرير الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية هو فرض من فرائض الدين الإسلامي، وهو واجب وطني مقدس.
لقد وقعت القيادة الإسرائيلية في الحرج الشديد بعد ظهور الجندي الإسرائيلي أفرها منغستو الأسير لدى حركة حماس، وهو بكامل صحته، وحاول الإعلام الإسرائيلي أن يقلل من تأثير المشهد في الجنود وعلى المجتمع عامة، وذلك من خلال تكرار القول: إن “عرض شريط الفيديو للأسير دليل عجز حركة حماس عن الضغط على الحكومة الإسرائيلية، لتنفيذ صفقة تبادل وفق رغبتها، ودليل يأس وإحباط” -كما يزعمون- ونسي الصهاينة أن تحرير الأسرى هو الشغل الشاغل لعموم الشعب الفلسطيني، وهناك إحساس بالقصور من قبل جميع التنظيمات بهذا الشأن، وهناك إجماع من كل أفراد الشعب الفلسطيني على ضرورة بذل الغالي والنفيس، من أجل تحرير الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية.
إن تركيز الإعلام الإسرائيلي على أن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، ونائبه صالح العاروري، هما المحرضان على أسر جنود إسرائيليين في محيط قطاع غزة، ليثير الريبة والشك بشأن الأهداف العدوانية الكامنة خلف هذا الحديث الإعلامي، الذي يستوجب الحذر في موضعين:
الأول: الغدر، فالغدر من طباع عدونا الإسرائيلي، لذلك قد يكون إسماعيل هينة والعاروري على رأس المستهدفين بالاغتيال، بزعم الحول دون تنفيذ خطة لأسر جنود إسرائيليين، وهذه رسالة سابقة من العدو إلى المجتمع الدولي.
الثاني: قد تكون لدى الحكومة الإسرائيلية الإرهابية خططها للعدوان المفاجئ على قطاع غزة، بزعم إحباط مخطط حركة حماس لأسر جنود إسرائيليين، وتوجيه ضربة استباقية، وفي هذا الحديث رسالة إلى المجتمع الإسرائيلي عن قدرة الحكومة على توحيد الصف، وعن جهوزية الجيش لتنفيذ عملية عسكرية تحقق الأمن للإسرائيليين.
ملاحظة: يركز العدو الإسرائيلي عبر وسائل إعلامه على جملة “خطف جندي إسرائيلي” وبكل أسف، يقع بعض الإعلاميين الفلسطينيين، وبعض القادة التنظيميين في هذا الفخ الإعلامي الإسرائيلي، ويرددون الجملة نفسها، أو يترجمون الجملة عن الصحافة الإسرائيلية دون الانتباه إلى الفارق السياسي الكبير بين مصطلح الخطف، في جملة “خطف جندي إسرائيلي” وبين مصطلح الأسر، في جملة “أسر جندي إسرائيلي”.
خطف البشر عمل شائن تقوم به منظمات إرهابية، وعصابات إجرامية، والهدف من الخطف هو ابتزاز أهل المخطوف، وسرقة الأموال، في حين أسر الجنود في المعركة من فعل الرجال، بهدف تحرير الأسرى الأبطال، وهذا الذي يهين القيادة الإسرائيلية.