تتزايد أطماع الاحتلال في السيطرة على مصلى باب الرحمة، بعد أربعة أعوام من إعادة افتتاحه، ففي مثل هذا اليوم من شهر فبراير/شباط 2019، صلى آلاف الفلسطينيين الجمعة، في محيط مصلى باب الرحمة شرقي المسجد الأقصى، واستطاعوا بعدها فتح المصلى المغلق منذ 16 عاما فيما عرفت بهبّة باب الرحمة.
وقال الباحث في الشأن المقدسي جمال عمرو إن الواقع في منطقة باب الرحمة مرير، وأحداث باب الرحمة عام 2019 كشفت المستور، وكشفت مدى أطماع الاحتلال الذي أغلق الباب سنوات طويلة زورا وبهتانا.
وأكد عمرو على أن منطقة باب الرحمة تقع في دائرة الخطر الشديد، ولا زالت أطماع الاحتلال تنصب على المصلى من الداخل والخارج خاصة من جهة المقبرة.
وأوضح أنه بعد إعادة افتتاح مصلى باب الرحمة وصلاة المسلمين فيه باعتباره جزءا لا يتجزأ من المسجد الأقصى المبارك، فرض الاحتلال طوقا مشددا على المنطقة، ويمكن ملاحظة تعلّق المستوطنين بمنطقة باب الرحمة والمنطقة المحيطة به والتي تقدر مساحتها بـ 8 دونمات.
وبيّن أن الاحتلال يضع منطقة باب الرحمة ضمن أولويات السيطرة عليها، ولذلك هو يستجلب المستوطنين لأداء طقوسهم في المنطقة، فيما يمنع المسلمين من الوصول لها خاصة أثناء فترات الاقتحام.
استهداف كامل المسجد
وأشار عمرو إلى أن مصلى باب الرحمة والمسجد الأقصى يتعرض لهجمة غير عادية، وهناك إفصاح لدى الاحتلال بكل صلف أنه لا يمكن أن يتخلى عما يطلقون عليه “جبل الهيكل” و”قدس الأقداس”، وأطماعه واضحة على كل المسجد الأقصى.
وأضاف أنه وفي ظل حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة، زاد التنكيل بحق المسجد الأقصى ورواده، من حيث الاعتقال والإبعاد عن الأقصى أو البلدة القديمة أو حتى المدينة المقدسة برمتها.
ولفت إلى أن المسجد الأقصى اليوم أمام مرحلة جديدة بمفردات وعناصر جديدة، والكل يشهد أن حكومة الاحتلال تبني مواقفها وخططها وأجندتها على إرضاء المستوطنين وإشباع غرائزهم بالتنكيل بالأقصى والاقتحامات.
وأكد عمرو على أن السيطرة على المسجد الأقصى على أجندة الاحتلال، وهناك أكثر من 40 منظمة إسرائيلية متطرفة تعمل ليل نهار على اقتحامات الأقصى وصولا لحرق البقرة الحمراء حسب معتقداتهم، والشروع بعد ذلك بهجومهم الكبير لهدم الأقصى وإقامة هيكلهم المزعوم.
ومصلى باب الرحمة شرقي المسجد الأقصى له تاريخ يعود لـ1300عام، وظل موقع صراع بين المقدسيين والاحتلال الإسرائيلي حتى أعيد فتحه بعد ما عرف بـ”هبة باب الرحمة” في عام 2019.
وفي عهد الاحتلال البريطاني شهد مصلى باب الرحمة تضييقات على المصلين، ورغم ذلك فإنه ظل مفتوحا حتى العهد الأردني، ثم أُهمل تماما بعد الاحتلال الإسرائيلي للمسجد الأقصى عام 1967.
وفي عام 1992 شهد حضورا إسلاميا نشطا استمر 11 عاما، بعدما اتخذته لجنة التراث الإسلامي مقرا لها ونشّطت فيها الفعاليات الدينية والاجتماعية، حتى حظرها الاحتلال مطلع عام 2003، واتخذ ذلك ذريعة لإغلاق المصلى بالكامل.
وفي منتصف شهر فبراير/شباط 2019، أقفل الاحتلال البوابة الحديدية المؤدية إلى درج حجري يوصل نحو مصلى باب الرحمة، وهنا احتشد بضعة مقدسيين وخلعوا قفل البوابة ومن ثم البوابة بأكملها.
وتلاحقت الأحداث بعدها وازدادت أعداد المصلين من القدس والداخل الفلسطيني الذين أدوا الصلوات الجماعية في محيط المصلى، واشتبكوا مع قوات الاحتلال ليلة الـ19 من الشهر ذاته ليصاب ويعتقل العشرات منهم.
وتوّجت الاعتصامات المكثفة التي استمرت بضعة أيام، بصلاة جمعة حاشدة أمّها الآلاف الذين اندفعوا بعد الصلاة نحو بابي المصلى، وفتحوهما عنوة برفقة بعض المرجعيات الدينية المقدسية، وصدحت التكبيرات والهتافات لأول مرة منذ 16 عاما داخل المصلى.
وعلى مدار 4 سنوات حتى اليوم، استمر عناصر قوات الاحتلال بدخول المصلى المفروش بأحذيتهم، كما نصبت بؤرة مراقبة فوقه، وأخرى بجانبه على مدار الساعة، ولاحقت المرابطين فيه، وتمنع ترميمه وتحاول فرض شروطها في كل مرة، فيما يصر المقدسي على أن المصلى جزء لا يتجزأ من الأقصى رافضا أي شروط اسرائيلية على ترميمه أو تواجد المسلمين فيه.