حسام الدجني|| منذ الخميس الماضي الموافق 16/1/2023م، والأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية دخلوا مرحلة عصيان مفتوح، ينتهي في الأول من شهر رمضان بإضراب مفتوح عن الطعام، رداً على قرارات الحكومة الإسرائيلية بحق الأسرى.
وأخذت أشكالاً مختلفة الهدف منها: تعذيب الأسرى، والتضييق عليهم بكل الوسائل، بدء من تحديد وصول المياه إلى حمامات الأسرى بساعتين فقط، ومنع وصول الخبز الطازج للأسرى، والاستفزازات اللفظية المستفزة من العاملين في مصلحة السجون، وغيرها من الإجراءات التي أقرها وزير الأمن القومي بن غفير مؤخراً.
لجنة الطوارئ العليا للأسرى تحدثت في بيان مقتضب: “من قرّر محاربتنا برغيف الخبز والماء، سنردّ عليه بمعركة الحرية أو الاستشهاد”.
تجدر الإشارة بأن عدد الأسرى في سجون الاحتلال يبلغ نحو 4780 أسيراً، من بينهم 160 طفلًا و29 أسيرة، و914 معتقلًا إداريًّا، ولكل أسير من هؤلاء مكانة في الوعي الجمعي الفلسطيني، واستهدافهم هو مقدمة لانفجار الأوضاع في جميع الأراضي الفلسطينية.
وفقاً للتطورات الحاصلة في السجون الإسرائيلية يبقى السؤال، ما السيناريوهات المحتملة؟
الأول: سيناريو انتصار الأسرى.
جوهر هذا السيناريو يقوم على إجبار الحكومة الصهيونية التراجع عن الخطوات التصعيدية التي أقرها بن غفير، وبذلك عودة الأمور في السجون إلى ما قبل وصول بن غفير لمنصب وزير الأمن القومي، ومؤشرات تعزيز هذا السيناريو تتمثل في:
- وحدة الأسرى في خطواتهم التصعيدية، ومكانتهم لدى الوعي الجمعي الفلسطيني.
- حالة الغليان في الأراضي الفلسطينية وزيادة وتيرة العمليات تدعم أن أي تصعيد تجاه الأسرى ستكون تداعياته في جميع الأراضي الفلسطينية.
- المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يبذلون جهداً كبيراً في عدم انفجار الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، ويدركون أن خطوات حكومة نتنياهو تجاه الأسرى والاستيطان تشكل صاعق تفجير للأوضاع الأمنية في الأراضي الفلسطينية.
يبقى التحدي أمام نجاح هذا السيناريو يتمثل في فاشية هذه الحكومة، وهل سترضخ للضغوطات الخارجية، بالإضافة إلى حجم التفاعل الشعبي والرسمي الفلسطيني مع قضية الأسرى، لأن العلاقة بين نجاح سيناريو انتصار الأسرى وحجم الحراك الفلسطيني هي علاقة طردية في التأثير على موقف الحكومة الإسرائيلية، وفي حجم الضغوط الإقليمية والدولية على حكومة نتنياهو.
الثاني: سيناريو المضي في الإجراءات العقابية، وصولاً إلى تدهور الأوضاع.
في حال تعزز هذا السيناريو، ورفضت الحكومة الإسرائيلية الإذعان لمطالب الأسرى، ودخل الأسرى في إضراب مفتوح عن الطعام، وبدأت مشاهد نقل الأسرى إلى المستشفيات نتيجة الإضراب، فإن فرص اندلاع مواجهة مفتوحة في شهر رمضان ستزداد، وستكون في جميع الأراضي الفلسطينية، وستجد السلطة الفلسطينية نفسها مضطرة لاتخاذ إجراءات ميدانية وقانونية وسياسية، وسيكون المجتمع الدولي أمام تحدٍ كبير في ردود أفعاله تجاه تدهور الأوضاع.
ما يعزز هذا السيناريو:
- فاشية الحكومة الصهيونية وتطرفها، ومراهنتها على قدرتها على احتواء المشهد بالقوة.
- رؤية بعض أقطاب الحكومة بأن تدهور الأوضاع قد يساعدهم في حسم الصراع عسكرياً، وتنفيذ أنشطتها الاستيطانية بكل أريحية.
- حالة الانقسام والتيه السياسي داخل الحالة الفلسطينية والعربية، وانشغال العالم بالحرب الروسية الأوكرانية.
ويبقى أمام تطبيق هذا السيناريو ثلاثة تحديات، تضعف من فرص وقوعها، وهي:
- أثر هذا السيناريو على قطار التطبيع العربي، وغضب المجتمع الدولي.
- رؤية المؤسسة العسكرية لتداعيات هذا السيناريو على مستقبل دولة الاحتلال.
- عدم قدرة حكومة نتنياهو على التعاطي مع التداعيات على الأرض، ولا سيما في الضفة الغربية، والداخل المحتل.
الخلاصة: من الواجب الديني والوطني والأخلاقي أن يعمل الجميع من أجل الانتصار للأسرى في خطواتهم النضالية، بغض النظر عن الشكل والطريقة والمكان والزمان، لأنه أحياناً الأعمال غير المنظمة تربك حسابات تل أبيب، وكل من يراقب الملف الفلسطيني، فمن قدم زهرات شبابهم في سبيل فلسطين وشعبها يستحق التضامن معه بجميع الأشكال والوسائل.