يومًا بعد يوم تثبت حكومة الاحتلال الجديدة أنها ماضية في تطبيق اتفاق الائتلاف بين حزبي الليكود والصهيونية الدينية، ولا سيما البنود المتعلقة بالضفة الغربية، بموجبها تعتزم الحكومة السابعة والثلاثون ضم أجزاء واسعة من الأراضي المحتلة، ما يعني أنها تنذر بالتوتر الذي بدأ فور استلامها مهامها الرسمية.
تحمل هذه الاتفاقيات المجحفة بحق الفلسطينيين واقعًا مريرًا متوقعًا لهم، وتغييرًا دراماتيكيًا مخططًا لهم في هيكل السيطرة والمنظومة الاحتلالية في الضفة الغربية، حتى أنها تكشف صورة مروعة عما ينتظر الضفة الغربية من استكمال علني أو ضمني لها، وهذه المرة بحكم القانون الذي تمثله الحكومة الحالية، وقد تجلى ذلك في المادة 118 من الاتفاق الائتلافي، وجاء فيه أنه “لشعب (إسرائيل) حق طبيعي في أرض (إسرائيل)، وفي ضوء الإيمان بذلك، سيقود رئيس الوزراء صياغة وتعزيز سياسة ستطبق فيها السيادة على (ما يسمى) الشعب اليهودي”.
بجانب هذا القسم هناك سلسلة طويلة من البنود مخفية، سيؤدي تنفيذها إلى تثبيت الاحتلال سيطرته في المنطقة “ج” من الضفة الغربية، وتثبيت وجوده هناك، بتبعية “الإدارة المدنية” ومنسق العمليات في المناطق للوزير الإضافي بوزارة الحرب بيتسلئيل سموتريتش، الذي سيسعى لتطبيق القانون الإسرائيلي على المستوطنين بأوامر عامة، وتجديد سجل الأراضي في الضفة الغربية الذي جُمد منذ احتلالها عام 1967، وشرعنة جميع البؤر الاستيطانية غير القانونية، وما تشمله من مزارع وأحياء وتوسعات.
ليس ذلك فحسب، بل إن الحكومة ابتدعت منصباً جديدًا يُعنى بمنح إدامة الوجود الإسرائيلي في الضفة الغربية، وأطماع الضم معاني أيديولوجية يهودية تلمودية، وليس سياسية توسعية فقط، بجانب حصول حزب العصبة اليهودية الذي يقوده إيتمار بن غفير على سلطة التخطيط والتنمية الزراعية للمستوطنات والقرى التعاونية، وكلها وحدات لها تأثير كبير في توسيع المستوطنات والبؤر الاستيطانية، وتقييد البناء الفلسطيني في الضفة الغربية.
أكثر من ذلك، فقد تضمنت الاتفاقيات الائتلافية السيطرة على تشكيل السردية التاريخية، والارتباط بأراضي الضفة الغربية، بنقل سلطة الآثار ومجلس الحفاظ على المواقع التراثية إلى وزير التراث الذي سيوفر أدوات قوية يهودية لتعزيز السردية الصهيونية، ومحو الهوية الفلسطينية من المنطقة.
هذه الخطوات تهدف لإقامة وتوسيع وتثبيت سيطرة الاحتلال على الضفة الغربية، وجعلها جزءًا لا يتجزأ، ولا يمكن تمييزه عن دولة الاحتلال، ومن أجل ضمان وتحصين السيطرة على المنطقة، تناول عددٌ من البنود في الاتفاقيات ضخ ميزانيات ضخمة في المناطق الفلسطينية الخاضعة لسيطرة الاحتلال، بما فيها الخطط السنوية لتطوير وتقوية المستوطنات، والمزايا الضريبية، والترويج لبرامج “تقوية المستوطنات”، وإزالة الحواجز أمام البناء، وإنشاء مستوطنات جديدة وأكثر من ذلك.