الكاتب| نور الدين صالح
لا تزال أجهزة أمن السلطة في رام الله تُشهر سيف الاعتقال السياسي في وجه معارضيها السياسيين، وليس ذلك فحسب، بل بات مُسلطًا صوب المقاومين في مختلف بقاع ومدن الضفة الغربية المحتلة، الذين يقفون “سدًّا منيعًا” في وجه الاحتلال عند كل اقتحام.
وقد تجاوزت أجهزة السلطة وعناصرها الذين نزعوا من قلوبهم الرحمة ضد أبناء شعبهم، كل الخطوط الحمر ولم تعد تفرق بين مواطن ومقاوم وحتى كتّاب وصناع الرأي العام.
لك أن تتخيل عزيزي القارئ أن المحررين الذين أمضوا جل سنوات عمرهم بين قضبان وزنازين القمع والظلم الإسرائيلية لم يسلموا من بطش أجهزة سلطة رام الله، عبر التنغيص عليهم لحظة استقبالهم أو خلال ممارستهم الحياة الطبيعية بين عائلاتهم.
نماذج كثيرة من السياسيين والمحررين ممن اكتووا بنيران أسلحة السلطة وهرواتها وآخرها الكاتب حسام أبو النصر على خلفية كتابته مقالات معارضة لنهج السلطة بعد أيام قليلة على احتجاز الصحفي سامي الساعي في مدينة طولكرم بالضفة الغربية.
ما يثير الشك والريبة لدى الأوساط الفلسطينية أن مخيم جنين الذي ينحدر في الجهة الشمالية من الضفة الغربية لم يسلم من عنف أجهزة السلطة، رغم الصمود الأسطوري وتصدي رجال المقاومة للعدوان الغاشم الذي شنه الاحتلال الإسرائيلي مطلع شهر يوليو/ تموز الماضي لمدة أربعة أيام.
ومنذ انسحاب قوات الاحتلال في مطلع يوليو الماضي، لم يهنأ سكان مخيم جنين بأوقات من الهدوء جراء تغول أجهزة السلطة ومداهمتها اليومية لمنازل عائلات المقاومين والشهداء، ما يثير غضب المقاومين ويدفعهم لمواجهة عناصر السلطة الذين داسوا المصلحة الوطنية بأقدامهم خدمة للاحتلال الإسرائيلي.
ومؤخراً، اندلعت اشتباكات مسلحة عنيفة بين أجهزة السلطة ومقامين على خلفية استمرار اعتقال المواطن خالد عرعراوي عم الشهيد مجدي عرعراوي ووالد الجريح “كمال”.
وحسب مصادر حقوقية، فإن 13 معتقلًا سياسيًّا من جنين وحدها، يقبعون في سجون المخابرات والوقائي التابعة للسلطة.
وأصدر تجمع عائلات جنين أمس بيانًا في أعقاب حملة الاعتقالات الشرسة التي شنتها أجهزة السلطة، أكد فيه أن وجهاء العائلات بذلوا جهودًا كبيرة في التواصل مع قادة الأجهزة الأمنية لمنع حملة الاعتقالات وحاول بعضهم التعاون، لكن أصر غالبيتهم على تنفيذ قرار اللجنة الأمنية المشتركة بتنفيذ حملة الاعتقالات، وهو ما دفع بوقوع اشتباكات مسلحة.
وقال التجمع: “إصرار الأجهزة الأمنية على الاقتحام، بدعوى وجود قرار من أعلى مستوى بتنفيذ الحملة، وهو ما فاقم من الوضع الأمني الذي لا زال متوتراً خاصة بعد تهديدات وصلت للشبان عبر الأجهزة الأمنية بأنهم ماضون في حملة الاعتقال، ولو وقع ضحايا لذلك”.
وأخيراً، فإن أجهزة السلطة “بما لا يدع الشك” تُصر على الضرب بكل الأصوات الفلسطينية التي تنادي بوقف نهج الاعتقالات السياسية في كل مدن الضفة الغربية عرض الحائط، خاصة في ظل الهجمة الإسرائيلية الشرسة التي تقودها حكومة المستوطنين المتطرفة بقيادة بنيامين نتنياهو تضم متطرفين آخرين أمثال ايتمار بن غفير “عدو الفلسطينيين الأول”.
وتواصل أجهزة أمن السلطة في الضفة الغربية، اعتقال أكثر من 43 مواطنًا من الضفة الغربية على خلفية انتمائهم وآرائهم السياسية ومقاومتهم للاحتلال.