قلقيلية-
توافق اليوم الذكرى السنوية التاسعة عشر لاغتيال القائد القسامي مازن محمود ياسين، بعد محاصرته في أحد منازل عائلته في المنطقة الشرقية لقلقيلية، والمعروفة بخلة ياسين، وذلك بتاريخ 20 آيار/ مايو لعام 2004.
يعود ميلاد الشهيد مازن ياسين إلى عام 1962، وتحديداً في الأول من شباط/ فبراير، في طولكرم حيث يقطن والده، وانتقل شهيدنا عام 1985 إلى قلقيلية وتزوج فيها، وتعرض منزله في الانتفاضة للتفتيش الدقيق، بينما كان هو في الاعتقال، بحثاً عن أسلحة.
ولم تكن تلك المرة الأخيرة، بل داهمت قوات الاحتلال منزله ودمرته في الاجتياح الثاني لمدينة قلقيلية، من قبل الدبابات الصهيونية خلال شهر نيسان/ أبريل من عام 2002، وتعرض منزله لقصفٍ بقذيفة دبابة.
وتوفيت والدته عام 2003، أثناء وجوده في سجون الاحتلال، والذي صادف يوم عيد الأضحى المبارك، وكانت أمه تتشوق إلى رؤيته، إلا أن قيود السجن حالت دون ذلك، الأمر الذي ألقى بظلاله الحزينة على مازن.
وكان شهيدنا القسامي مبتسماً وفرحاً قبل أيام من استشهاده، وكأنه كان على علم باستشهاده، وكان يوصي أطفاله بالتمسك بالدين وآدابه، و زوجته بتربية الأولاد على مائدة القران وعلى حب الشهادة، وأن لا يكون هناك بكاء أو عويل عليه وأن يكون هناك إسراع في دفنه وعدم التأجيل، وأن يدفن بجانب القائد الشهيد القسامي عبد الرحمن حماد.
الانضمام لحماس
التحق الشهيد القائد مازن الياسين في صفوف جماعة الإخوان المسلمين عام 1985، ونشط بها بعد أن تربى على موائدها الربانية، وبعد ظهور حركة حماس في الانتفاضة الأولى انضم إليها، وفي عام 1993 حكم عليه بالسجن الفعلي مدة ثلاث سنوات تنقل فيها في عدة سجون.
وفي نهاية المطاف استقر به المقام في سجن النقب حيث تولى هناك ممثل سجن النقب، وكان الرجل الأول في السجن الذي يحاور إدارته، وبعد خروجه من السجن احتجز في سجون السلطة مدة سبعة شهور وأفرج عنه بعدها.
وعندما حانت ساعة الصفر، وفاحت رائحة الجنة وحاصرت قوات الاحتلال منزله، رفض الشهيد القسامي كما تقول عائلته دعوات بعض أقاربه له لتسليم نفسه حفاظا على حياته، وقال لهم “: إما شهادة يرضى عليها ربي، و إما حياة عزيزة أغيظ بها الاحتلال”.
فشاء له الله الأولى فأطلق رصاصه باتجاه القوات الخاصة، إلا أن المنطقة كانت محاصرة والقناصة يعتلون الأماكن العالية في المكان، فارتقى شهيدا بالقرب من جدار كتب عليه اسم حماس، لقد عشق شهيدنا حماس وهو حي، واستشهد بالقرب من اسمها وهو شهيد.
كان شهيدنا محباً للعمل من أجل إعلاء كلمة الله منذ صغره فانخرط في صفوف جماعة الإخوان المسلمين، ونشط فيها ومع انطلاقة المارد الإسلامي- حركة المقاومة الإسلامية – حماس – عمل في صفوفها، وكان من أنشط أعضائها حيث كان مسئولا عن مساجد المدينة .
تأسيس القسام
في عام 1993 اعتقل في مداهمة لمنزله بعد تفتيشه وحكم عليه بثلاث سنوات بتهمة الانتماء لحركة المقاومة الإسلامية حماس و حيازة أسلحة، و تنقّل في سجون الاحتلال إلى أن استقر به الحال في معتقل “النقب الصحراوي” ممثلاً للمعتقلين لشدة صلابته.
وعمل “أبو محمود” على تأسيس الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس في قلقيلية، حيث عمل بجانب الشهيد القائد يحيى عياش والأسير المحرر القيادي زاهر جبارين و الشهيد القسامي عدنان مرعي.
وكانت مهمته تزويد كتائب القسام بالسلاح والذخيرة، ومع قدوم السلطة و بناء على طلب أجهزة الأمن الصهيوني تم اعتقاله لأكثر من سبعة شهور تعرض فيها الشهيد لأقصى درجات التعذيب على أيدي جهاز الأمن الوقائي في قلقيلية.
ونقل إلى سجن” جنيد المركزي” في نابلس بعد أن تناوبت عليه كافة أجهزة السلطة الأمنية في محاولة للحصول منه على معلومات وأصيب على أثرها بعدة أمراض، و منها الشقيقة، و أطلقت السلطة سراحه بعد تردي وضعه الصحي وخضوعا للضغط الشعبي الممارس على أجهزة السلطة من أجل إطلاق المعتقلين السياسيين الشرفاء.
ومع انطلاقة انتفاضة الأقصى عمل على تجنيد أعضاء كتائب الشهيد عز الدين القسام في محافظة قلقيلية، مع رفيق دربه الشهيد القسامي “عبد الرحمن حماد” .
وعمل على تطوير العبوات الناسفة الموجه شديدة الفاعلية، حيث أنه يعمل في صيانة الأجهزة الكهربائية وبرمجة الكمبيوتر و هذا ما أكسبه خبرة فائقة في عمله الجهادي، بالإضافة إلى مسؤوليته عن كتائب القسام في المحافظة .
محاولات اغتيال انتهت بالشهادة
تعرض الشهيد القائد لعدة محاولات لاعتقاله من قبل الصهاينة، حيث داهمت وحدات خاصة منزله في اجتياح قلقيلية الأول في نيسان عام 2002 وتم قصف بيته بقذيفة دبابة وحاولت أجهزة الشاباك اغتياله مرتين الأولى (عندما فخخت له قطعة من السلاح).
والثانية (يوم عيد الأضحى المبارك حيث حاصرت قوات كبيرة من الدبابات منزله في محاولة لاغتياله، ولكنه نجا من هذه المحاولة بعد أن استشهد شابان و أصيب عدد آخر في محاولة اغتياله الثانية).
أحس شهيدنا بقرب استشهاده فطلب من زوجته أن تأتي إليه مع أبنائه لكي يراهم فخرجت الزوجة والأبناء وعندما أحست الزوجة بأن هناك من يتبعها توجهت إلى بيت أخيها دون أن تلقاه، وبتاريخ 20/5/2004 اقتحمت قوات كبيرة من جيش الاحتلال الصهيوني مدينة قلقيلية و حاصرت “خلة ياسين” حيث كان الشهيد القائد قادماً ليودع أعمامه و أقاربه.
وبعد حصار استمر لساعات و مطاردة واشتباك مسلح ارتقى”أبا محمود” شهيداً إلى جوار ربه، واحتجز جثمانه الطاهر لعدة ساعات حيث قامت قوات الاحتلال بطلاء جسده بمادة كيماوية من أجل التنكيل بجسده الطاهر وشيعته قلقيلية، التي أحبته فخرجت عن بكرة أبيها في جنازة حاشدة نعته فيها حركة حماس، مؤكدة على مواصلة درب الجهاد ودفن بجانب رفيق دربه الشهيد القائد عبد الرحمن حماد بناء على وصيته.
ترك الشهيد القائد خلفه خمسة أولاد وهم “محمود، أحمد ، محمد ، و أسماء ، وهند ” وزوجة صابرة محتسبة حيث عرف عن شهيدنا القائد حبه لدينه و عمله من أجل الدفاع عن ثرى الإسراء، فكان ملتزماً بحسن الخلق و الإيثار و الهدوء و الصمت محباً للمساجد عاشقاً لحماس في حياته و استشهاده حيث استشهد بالقرب من جدار كتب عليه “حماس”.