توافق اليوم الذكرى السنوية الـ21، لاستشهاد المجاهد القسامي نائل تحسين رمضان من بلدة تل في نابلس.
بعد أن قضى نحبه في ساحة المواجهة لإفشال محاولة اغتيال عدد من رفاق دربه المجاهدين في خلية قسامية أوجعت الاحتلال بعملياتها النوعية.
إلى الجنوب من مدينة نابلس، شب وعاش المجاهد رمضان لينهل من مدارس بلدة تل علماً، ومن مساجدها ديناً ومن أسرته خلقاً وتربيةً، ليكن بعدها نعم الحامي لها ولأبطالها وأسودها.
بين جنبات مساجد تل وفي حلقها وجلساتها تربى القسامي رمضان على حب الدعوة وترعرع معه حب الوطن، فكان نعم المبادر الذي لا يتوانى عن خدمة إخوانه في المسجد وأقرانه في البلدة.
جهاد وعطاء
وما أن اندلعت انتفاضة الأقصى عام 2000 حتى حركت مشاهد القتل والدماء اليومية التي سالت على أيدي قوات الاحتلال مشاعر رمضان الدفينة وأحقاده اتجاه حكومة الغطرسة وجيشها المجرم، ليجد من كتائب القسام ملاذه الوحيد ليشفي صدور قوم مؤمنين.
ولم يكن قرار الانضمام والانخراط في صفوف كتائب القسام بالأمر الشاق بالنسبة لرمضان، فهو الصديق الصدوق والمحب لأكثر من قائد قسامي من ذات البلدة.
انطلق رمضان وإخوانه يصولون ويجولون في الشوارع المحيطة بمدينة نابلس يزرعون الرعب كما الألغام والعبوات الناسفة على جنبات الطرق التي تحوّل التجول والسير فيها لكابوس بالنسبة للمستوطنين وقوات الاحتلال.
وأصبح المجاهدون القساميون هدفا مستمرا لقوات الاحتلال التي لم تدخر أسلوبا ولا طريقة إلى وانتهجتها في محاولة منها للوصول إليهم، ولا سميا القائد القسامي نصر الدين عصيدة الذي عرف توليه لقيادة القسام في مدينة نابلس بل وشمال الضفة الغربية.
استمرت قوات الاحتلال بمختلف أجهزتها في ملاحقة نصر الدين ورفاقه المطاردين، واعتقلت العديد من أقربائهم، خلال عمليات التوغّل والاحتلال والقمع التي تعرّضت لها تل، والتي استمرت بوتيرةٍ عاليةٍ في محاولة لتحويل حياة سكانها إلى جحيم، لخروج عدد كبير ومميز من المقاومين منها.
اشتباك وشهادة
وبتاريخ 4/1 في ليلة من ليالي كانون الثاني يناير 2002 الباردة وشديدة الظلام، وفي بلدة تل كان المجاهد القائد نصر الدين عصيدة وإخوانه عاصم عصيدة وسامي زيدان وعمر وشقيقه أيوب عصيدة ونائل رمضان يجلسون ويخططون للعمل الجهادي.
وكان معظم هؤلاء المجاهدين مطاردين لقوات الاحتلال منذ أمدٍ يعيد خاصة القائد نصر الدين عصيدة الذي ينسب له مشاركته في عملية ضدّ مستوطني يتصهار عام 1998م والتي أسفرت عن مقتل عددٍ من المستوطنين واتهمت فيها خلية من كتائب القسّام ضمّت الشهيدين محمد ريحان وياسر عصيدة.
وما هي إلا لحظات حتى امتلأت البلدة بجنود الاحتلال، تدعمهم طائرتان مروحيتان، واشتبكوا مع المجاهدين في معركة حامية، ليضحي رمضان بتغطيته على انسحاب القائد نصر الدين عصيدة وإخوانه المجاهدين، وخاض معهم اشتباكًا ارتقى على أثره شهيدًا.
خرج العدو مخذولا مدحورا بعد أن فشل في الوصول إلى هدفه المعلن القائد القسامي نصر الدين عصيدة.
ودّعت البلدة في اليوم التالي 5/1/2002 بكثيرٍ من الحزن والفخر، الشهيد رمضان الذي نوّه الكثيرون بخصاله وحياته الجهادية.
وانطلق موكب الجنازة من مستشفى رفيديا في نابلس إلى ميدان الشهداء وسط المدينة للصلاة علية في موكب جنائزي مهيب. ورفعت الأعلام الفلسطينية وردّدت الهتافات المندّدة بالجريمة والداعية لاستمرار الانتفاضة والمقاومة والردّ على جرائم الاحتلال.
أدّى المشيعون صلاة الجنازة على الشهيد ومن ثم انطلق الموكب الجنائزي إلى مسقط رأسه في تل، سالكاً نفس الطريق التي سلكتها مواكب رفاق دربه.