توافق اليوم الذكرى السنوية الثانية والعشرين لعملية الاستشهادي القسامي المجاهد أشرف السيد من نابلس، والذي فجّر نفسه بسيارته المفخخة على حاجز “الحمرا” قرب أريحا في 08 آب/ أغسطس لعام 2001، ما أدى إلى مقتل صهيونيين وجرح ثالث بجراح خطيرة.
أطل أشرف صبحي محمد السيد على الدنيا في 05/09/1979، ونشأ بين أربعة أخوة من الذكور وثلاثة من الإناث، وهو ثالثهم جميعاً، وتلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة العامرية، ومن ثم انتقل إلى مدرسة ظافر المصري في المرحلة الإعدادية، وكان من نشطاء الحركة الطلابية الإسلامية في مدرسته.
وانتقل إلى المرحلة الثانوية في مدرسة قدري طوقان في الفرع العلمي، إلا انه وبعد أن أنهي تعليمه الثانوي لم يستطع إكمال دراسته الجامعية لظروفه الخاصة وانخرط بالعمل مع والده في محل بيع العصائر الطبيعية، وحصل على إجازة التجويد وقد اعتمد من قبل وزارة الأوقاف على تحفيظ القرآن في مسجده معزوز المصري، اعتقله الاحتلال في الانتفاضة الأولى مرتين.
كان ولعه بالجهاد كبيرا فعند قدوم السلطة حضر دورتين للدفاع المدني ودورة للتدريب الشعبي على السلاح، كما تعلق كثيرا بالكتب التي تتحدث عن سير الشهداء الكبار من أمثال عز الدين القسام وعبد القادر الحسيني وسير الشهداء من الصحابة.
تعلقه بالمسجد
قبل استشهاده بعامين في 1/6/1999م، ذهب إلى الديار الحجازية ليؤدي مناسك العمرة، وقد جهز نفسه في نفس العام الذي استشهد فيه للذهاب مع قوافل الحجاج إلا أن الله أكرمه بالذهاب مع قوافل الشهداء.
بدأ أشرف تعلقه بالمسجد صغيراً وعرفت خطاه طريق المسجد عندما كان في العاشرة من عمره وكان ذلك بمسجد معزوز المصري الذي خرج منه الكثير من الشهداء، كانت شخصية أشرف المرحة مقبولة جدا بين أصدقائه وكان محبا جدا للرياضة، حيث أسس فريق لكرة القدم في مسجده وأشرف عليه ودربه.
وقبل استشهاده أعد ستين درعا خشبياً من أجل الكتابة عليها بخطه الجميل وتقديمها كهدايا لأعضاء الفريق الرياضي، إلا أنه غادر قبل أن يكملها، ولحبه الكبير لإخوانه في المسجد فقد كان سخي اليد مع المعوزين منهم وخاصة طلبة العلم، ولم يكن يدع أي مناسبة فيها بذل أو عطاء إلا كان من السباقين إليها، حتى أنه كان يعتبر زيارة الجرحى حتى من لا يعرفهم واجب عليه وكان شراب الكوكتيل رفيقه لكل الجرحى والمزورين.
وما يميز أشرف حبه الشديد للقرآن الكريم، وتلاوته لآيات من كتاب الله في كل وقت وحين، إلى جانب بره الشديد لوالديه، وقد أهداهما درعين أعدهما بنفسه في رمضان عام 2000، وكتب فيهما تحت عنوان “شكر وتقدير”: لكما مني جزيل الشكر وعظيم الامتنان لكل ما قدمتموه لي من جهد وعطاء، وأحاط الدرع بقوله تعالى: “وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا”.
رفيق الاستشهاديين
الاستشهادي عماد الزبيدي، الاستشهادي حامد أبو حجلة، الاستشهادي ماهر حبيشة، الاستشهادي جمال الناصر، الشهيدين الأخوين فراس وهمام عبد الحق، بين هذه الباقة من الاستشهاديين والشهداء تربى الاستشهادي أشرف السيد وكان كل واحد منهم يربطه بالآخر علاقة وطيدة يملأها الحب في الله.
كان الرباط القوي بينهم جميعا أنهم تربو في مسجد معزوز المصري، فكان عماد الزبيدي وحامد أبوحجلة زملائه أيضا في المدرسة ومن نشطاء الحركة الطلابية الإسلامية أما فراس وهمام عبد الحق فكانا عند أي مسيرة تدعوا لها حماس والقوى الوطنية يذهبان مباشرة إلى أشرف ليسهموا جميعا في القيام بإنجاح تلك الفعالية بالمشاركة فيها كمنظمين أو حملة للرايات.
أما الاستشهادي جمال الناصر الذي كان يعمل على سيارة تاكسي، فقد كان أشرف أحد زبائنه الدائمين وكانوا جميع الشهداء سالفي الذكر من زوار أشرف الدائمين في محله لبيع العصائر.
تعلق أشرف الكبير بالشهداء وسيرهم جعله من المحافظين على جمع صورهم ليضعها على واجهة محله، وفي غرفته ليبقى على تواصل دائم معهم ولو بشكل معنوي، حتى يأذن الله له بأن يرتقي شهيدا.
موعد الشهادة
غادر أشرف المنزل كعادته في الصباح إلا أنه هذه المرة لم يتوجه إلى المحل التجاري، بل ترك ورقة في المنزل كتب فيها أنه لن يتوجه إلى المحل وسيتأخر في العودة للمنزل، طالبا من أخيه أن يحل محله في العمل.
أما أشرف فكان وقتها يقود سيارة بيضاء قرب حاجز “الحمرا”، والذي يسميه الصهاينة “بقعوت” وكان على أشرف الذي يترقب دوره في المرور من الحاجز أن يصطف خلف الطابور الطويل من السيارات، وقد استغل أشرف تلك الفترة في قراءة ما تيسر من القرآن وشاهده الكثير من أصحاب السيارات وهو يصلي ركعتين قبل الشهادة.
وعند الساعة العاشرة صباحا جاء دور أشرف للمرور، فهيئ نفسه وانطلق نحو الحاجز وما إن تقدم جنديان صهيونيان من سيارته للتفتيش عاجلهما بتفجير نفسه بهما ما أدى إلى استشهاده ومقتل الصهيونيين وجرح ثالث وصفت جراحه بالخطيرة.