على الرغم من حالة الاستنكار التي سادت بعض الأوساط الإسرائيلية تجاه إرهاب قطعان المستوطنين ضد بلدة حوارة، لكن ما اقترفوه من جريمة، وعلى الرغم من أنه شكل تحديًا أمنيًا معقدًا لجيش الاحتلال، وجه مزيدًا من أصابع الاتهام لقيادته العسكرية التي لم تتحضر جيدًا لمنع وقوع ما وقع من أحداث دامية.
إن ما شهدته المستوطنات المجاورة لبلدة حوارة من تحشيد للمستوطنين، بدا أقل وضوحًا لقادة الجيش في المنطقة حتى بعد مرور ساعتين على انطلاق مسيرتهم، لأنه عندما حلّ الليل، ودخلت مجموعات منهم للبلدة، وأضرمت النار في منازلها، جاء رد الجيش سيئًا للغاية، فعدد جنوده المرسلين إليها قليل جدًا، بل أظهروا مفاجأتهم جدًا من تطور الأحداث، ولم يبذلوا كثيرا من الجهد لمنع مثيري الشغب الإسرائيليين، ما خلق مشاهد سريالية، أحدها لامرأة فلسطينية مسنّة حاولت إنقاذ نفسها من منزل أضرمته غوغاء المستوطنين.
في حين صبّ وزراء اليمين الفاشي مزيدا من الزيت على نار تصعيد المستوطنين، ولا سيما الدمويين بيتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، حين التزما الصمت شبه التام في أثناء ليلة المجزرة، وبعد ساعات من بدئها، لم يبديا أي إدانة لما حصل، وبدلاً من ذلك، أبديا تفهمهما له، واكتفيا بدعوة حشود المستوطنين لعدم “أخذ القانون بأيديهم”، ولكن بعد “خراب مالطا”.
مهم ألا ننسى أن سموتريتش وضع “لايك” على تغريدة نائب رئيس مجلس شومرون الاستيطاني دافيدي بن تسيون الذي ادعى أن “قرية حوارة يجب أن تُمحى”، في حين زعم عضو الكنيست تسفيكا فوغل من حزب العصبة اليهودية أن “الردع الذي تحقق بمهاجمة حوارة هو الحل على استمرار الهجمات الفلسطينية، وبذلك فإنه يرى النتيجة إيجابية للغاية”.
بعد ساعات عديدة، لاحظ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تطورات الأحداث الوحشية بحق حوارة وأهلها، وأصدر مكتبه بيانا للصحفيين حاول فيه، بعد كل شيء، إظهار أنه يمسك بيده “المرتعشة” على عجلة القيادة، بالقول إنه يعقد تقييما للوضع الأمني في أعقاب الهجوم، بحضور رؤساء الأجهزة الأمنية.
من جديد، تثبت أحداث حوارة الهمجية أننا عشية المزيد من اشتعال الأوضاع في الضفة الغربية، سيكون أكثر فتكًا وأهمية وأخطر بالنسبة لمستقبل حكومة الاحتلال التي أدارت هذه الأزمة بشكل لا يقل بؤسًا عن موجة الإرهاب الاستيطاني التي اجتاحت البلدة.
هذا الإرهاب الاستيطاني سيجد إفرازاته المؤكدة بمزيد من عمليات المقاومة في الأراضي المحتلة، ما دام أن المستوطنين انفلت عقالهم، وليس لهم من حل سوى الرد عليهم بذات الطريقة: فلكل فعل رد فعل، مساو له في القوة، ومضاد له في الاتجاه، هذه هي فيزياء المقاومة، التي جسدها الشهيد معتز الخواجا في وسط (تل أبيب)!