يحاول الاحتلال الإسرائيلي فرض وقائع جديدة على ساحة المسجد الأقصى المبارك تتمثل بتفريغه من المصليين المسلمين عبر فرض قيود كثيرة وإجراءات عديدة تمنع وفود أهالي الضفة الغربية وسكان الشطر الفلسطيني المحتل عام 1948 فرادى وجماعات للصلاة فيه، وفي المقابل يبتدع الاحتلال أحداثاً ومناسبات عديدة ينسبها لخرافات دينية لا أصل لها إلا في عقلية الاحتلال لدعوة أكبر عدد ممكن من المستوطنين لاجتياح الأقصى والبقاء فيه مدةً زمنية كبيرة.
يشارك الجنود المدججين بالسلاح في حماية دخول المستوطنين للأقصى محولين أقدس بقاع المسلمين إلى مكان تتلى فيه أسفار تلمودية، مطلقين صوت البوق عالياً في مواجهة الآذان، داخلين المسجد الأقصى المبارك بأحذيتهم ونعالهم دون أن يمنعهم مانع، أو يزجرهم حامٍ لمسجد وقع تحت الاحتلال منذ 7 عقود، وربما يقوم الجيش بإطلاق بعض الأعيرة النارية لإشعار خدمة المسجد بسطوة الاحتلال وقوة بأسه.
الجمعة الرابعة عشر
تمثل جمعة الثاني عشر من يناير/ كانون الثاني لعام 2024 الجمعة الرابعة عشر من اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة المحاصر، وما رافقها من قتل للسكان الآمنين، وتدمير للبنيان الحضاري، وهدم لقيم الحياة كافة، بعد أن اعتلت الدبابات الإسرائيلية جثامين الأطفال البريئة، ومزقت استقرار الآمنين في بيوتهم، مشردةً لهم إلى أراض غير آمنة، ربما ما يمر به قطاع غزة أفظع من أحداث عام 1948 والتي دمرت القرى الفلسطينية وأقامت دولة الاحتلال فوق أنقاض الفلسطينيين.
واعتاد أهالي الضفة الغربية من قبل الحرب على شد الرحال إلى المسجد الأقصى المبارك لا سيما في يوم الجمعة، ونفذ العديد من الناشطين الشباب مبادرات تشجيعية لجمع أكبر عدد من السكان في ساحات المسجد، وبعد إعلان الحرب على غزة اتخذ الاحتلال إجراءات كبيرة تحول دون سفر الفلسطينيين إلى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ليصبح عدد رواد المسجد في يوم الجمعة هو 15 آلاف فقط بعد أن كانت يوم الجمعة العادية تزهو بأكثر من 50 الف مصل وزائر.
وأطلقت حركة المقاومة الإسلامية حماس نداءً عاجلاً لأهالي الضفة الغربية وكل من يستطيع زيارة المسجد الأقصى للذهاب إليه وعمارته في يوم الجمعة الموافق 12 يناير/ كانون أول عام 2024 لمقاومة سياسات الاحتلال الرامية إلى تفريغ المسجد من المصليين، وبث رح الاعتياد على الزيارة في كل وقت يتمكن فيه الفلسطينيون من عمارة المسجد والصلاة فيه.
عوائق وتحديات
تفرض دولة الاحتلال عوائق عديدة متعلقة بالجنس والعمر والسكن لزيارة القدس الشريف، فهي لا تسمح لمن هم أقل من الستين عاماً من الزيارة، وتسمح للنساء فوق الأربعين، وترفض كل من له سجل شرف في المقاومة الفلسطينية من الدخول بشكل قانوني، بيد أن الفلسطينيين وإن قيد الاحتلال أجسادهم إلا أنه غير قادر على تقييد إرادتهم المتوقدة وعزيمتهم الصلبة وعنفوانهم المتواصل.
ويسافر الشباب الفلسطيني رغماً عن كل الإجراءت إلى المسجد الأقصى المبارك، يعتلون جدار الفصل العنصري العازل بينهم وبين زيارة مسجدهم، ويتعرضون نتيجةً لذلك لهول الأخطار والخطوب، وربما تلاحق دورية الاحتلال متسللين عبر فتحة في الجدار يخرجون منها ملبيين نداء المقاومة وصوت الإيمان الهادر من ضمائرهم اليقظة، فيدخلون المسجد ويؤدون الصلاة وربما يعتقلون على أبوابه وقد يستشهدون.
انتشار الاحتلال
في العادة تنتشرت قوات كبيرة من شرطة الاحتلال في أنحاء القدس الشرقية، مقيمةً حواجز على مداخل البلدة القديمة وعند البوابات الخارجية للمسجد الأقصى، هذه الإجراءات تجبر مئات المصلين لأداء الصلاة في الشوارع القريبة من البلدة القديمة.
لا يغيب حب القدس عن أفئدة الفلسطينيين لحظة واحدة، فهم الذين فدوا الأقصى بالأرواح والجراح، وستبقى قضية القدس حاضرةً في كل معركة حتى تعود الديار إلى أهلها ويرحل الاحتلال.