لم يبلغ عمر نور إلا سنة وتسعة شهور وورد خمسة شهور عندما أعاد الاحتلال اعتقال والدهم الأسير عبدالمنعم عثمان طعمة (54 عاما)، وهو أحد محرري صفقة وفاء الاحرار المعاد اعتقالهم في العام 2014م، قبل ثماني سنوات من اليوم.
ثماني سنوات مضت كبرا فيها نور وورد وهم يبحثون عن والدهم، بعدما غاب حتى في أبسط أمور حياتهم.
تقول والدتهم، وفاء طعمة، زوجة الأسير عبد المنعم، أن وبعد ثماني سنوات من الاعتقال التعسفي الظالم، لا زال أبناءها يفتقدون والدهم في كل مراحل حياتهم، لا يتوقفون عن السؤال عنه.
فقدان وألم
وتقول وفاء طعمة إن سلطات الاحتلال أعادت الحكم السابق لزوجها “مد الحياة” بعد اعتقال مجددا، ليكابد مرارة الأسر مرة أخرى لكن هذه المرة تشاركه زوجته الرؤوم آلامه وتخفف عنه مرّ الحياة وظلمها، وفي انتظار عودته طفلين يكبران يوما بعد يوم ويشدهم الحنين إليه أكثر فأكثر.
وتضيف طعمة أن أطفالها بكل لحظة يتمنون أن يكون معهم والدهم، ودوما ما يقولون: “لو كان بابا معانا”.
أما ورد التي لم تر والدها سوى خلف قضبان السجن، بات والدها حاضرا في كل المواقف التي تمر به، رغم بساطتها، تستذكره في مأكلها ومشربها وعند نومها، حتى بات ذكر والدها واسمه ملازما لها في كل شؤون حياتها.
اشتياق للعناق
وتضيف طعمة أنه وفي الـ 10 من نيسان العام الجاري، كان يوما مميزا في حياتها وأطفالها، حيث زار نور وورد أباهم بعد انقطاع دام لثلاث سنوات من الزيارة لأسباب أمنية، وأخرى متعلقة بفيروس كورونا، يسوقها الاحتلال من تهدف لمنعهم وحرمانهم من رؤية ذويهم.
ولم تكن الثلاث سنوات التي حرم منها الأطفال من رؤية أبيهم الأسير، مجرد أيام وأعوام مرت، بل وبحسب القانون الإسرائيلي، فقد حرم نور وورد من الدخول إلى أبيهم وعناقه، بعد ان تجاوزت أعمارهم الثماني سنوات، وفق سياسة أدارة سجون الاحتلال.
وتشير طعمة أن أطفالها تمنوا احتضان أبيهم وعناقه عند رؤيته بعد سنوات من الغياب، في رحلة للزيارة كانت أشبه بحلم يسألون عن تفاصيله في كل لحظة وحين، ويتمنون لو أنها تتكرر مجددا، لتبقى تلك الضمة وذلك الحضن المرتقب غصة في قلوب أطفاله ينتظرونها خارج السجن.
رسائل الأسرى وذويهم
ونقلت زوجة الأسير طعمة رسائل الأسرى المعاد اعتقالهم وذويهم، وجهوها في البداية للجهات الراعية للاتفاق وهي مصر، متسائلين لم كل هذا التغافل والسكوت عن اتفاق دولي قانوني كان قد نقض منذ ثماني سنوات؟! وكم من الوقت تحتاجون أكثر حتى تعيدوا النظر في هذا الاتفاق؟!.
وطالبت السلطة الفلسطينية بالدفاع عن حقوق الأسرى المعاد اعتقالهم، ومطالبة الجهات الدولية للتحرك ضد هذا الفعل التعسفي الإجرامي بحقهم.
ودعت أهالي الأسرى وزوجاتهم أن يصبروا ويصابروا، مناشدة كل أبناء الشعب الفلسطيني بالشد شعبنا على أيدي أهالي الأسرى وأن يقووا من عزائمهم وهممهم ومعنوياتهم.
ثلاثون عاما من الأسر
وأمضى عبد المنعم عثمان محمد طعمة ثلاثون عاما في الأسر، حيث اعتقل في عام 1989، وحكم عليه بالمؤبد مدى الحياة تنقل خلالها بين جميع السجون، وأحبه كل من التقاه صغيرا وكبيرا.
عرفـه مسجد قريته “قفين” في محافظة طولكرم منذ نعومة أظفاره، وقد أنـهى الثانوية العامة في مدرسة “عمر بن الخطاب” بباقة الشرقية، فـكان الأول على صفه، وانتقل للدراسة في جامعة النجاح الوطنية بنابلس.
ومع اندلاع الانتفاضة الأولى كان من أوائل المنتفضين رغم حداثـة سنه، وحرمه اعتقاله عام 1989م، من إكمال دراسته الجامعية، لكن واصل عبد المنعم مشوار العلم بعد أن انتسب لإحدى الجامعات، وأكمل البكالوريوس في التخصص الذي أحب، وهو العلوم السياسية.
أكمل طعمة تعليمه الجامعي في السجن وحصل على شهادة الماجستير أيضا في ذات التخصص، وأفرج عنه بصفقة وفاء الاحرار المعروفة بصفقة شاليط عام 2011م.
وفي عام 2014 أعادت سلطات الاحتلال اعتقال عشرات محررين الصفقة من الضفة الغربية والقدس، وأعادت الأحكام السابقة لهم منهم المؤبد ومنهم مدى الحياة ومنهم دون ذلك.
ويتقن طعمة اللغة الإنجليزية والعبرية، كما يعُرف عنه ثقافته الواسعة، و تحليلاته السياسية الدقيقة، ويعتبر من المطلعين والمتعمقين في الشأن الصهيوني.