تشكل العمليات الفدائية أحد أهم “التحديات والمخاطر” التي تهدد الأمن داخل كيان الاحتلال، الأمر الذي يجعله في حالة من التأهب والاستعداد الدائم في كل المناطق في ظل عدم توفر (إنذارات مسبقة) حول الأشخاص الذين ينوون تنفيذ العمليات إذ إن المنظومة الأمنية تكون عاجزة عن الحصول على أي معلومات وتُفاجأ في كل مرة بهذه العمليات التي تتسبب في كثير من الأحيان بخسائر بشرية مباشرة في صفوف الجنود والمستوطنين، يحدث ذلك على الرغم من الأنشطة التي تبذل وبشكل كبير لاستهداف النشطاء والمطلوبين وكوادر الفصائل، والتنسيق المستمر مع السلطة الفلسطينية إلا أن ذلك لم يؤدِّ لإنهاء العمليات أو القضاء عليها.
ويدرك الاحتلال أن استمرار العمليات وتصاعدها يمكن أن يزيد من حجم التصعيد وصولًا لانفجار المشهد بالكلية في الضفة الغربية والقدس وربما يمتد للـ48 وباقي المناطق، وأن شكل العمليات الحالية التي تُستخدم فيها إمكانات متواضعة يمكن أن يتغير من ناحية عدد المنفذين أو الأسلحة المستخدمة وهذا “سيناريو خطير” جدًّا ستكون نتائجه كارثية، وربما يعيد الاحتلال للمربع الأول، حين كان يتعرض لهجمات مركزة تؤدي لقتل عدد كبير من الجنود والمستوطنين وتضع قادة المؤسسة الأمنية الإسرائيلية والمستوى السياسي بالأساس أمام موقف لا يحسدون عليه وهم غارقون في عجزهم لا يملكون حلًّا سحريًّا لاستعادة الأمن.
وأكثر ما يرعب الكيان أن تحدث عمليات كبرى مثل (التفجيرات، أو الاختطاف، أو إطلاق النار) من خلال عمليات جماعية أو مزدوجة، وهذا يمكن أن يتحقق في أي وقت، لأن الظروف الموضوعية متوفرة والدوافع لدى الشباب الفلسطيني تزداد مع الوقت في ظل تصاعد جرائمه وتنامي عدوانه في الأراضي الفلسطينية التي تمثلت في: “الإعدامات، والاعتقالات، والملاحقات المستمرة، وهدم المنازل، والقيود على الحركة، والمضايقات اليومية، ومصادرة الأراضي”، وغيرها من الجرائم التي يرتكبها العدو الإسرائيلي بحق شعبنا الفلسطيني.
لذلك فإن الاحتلال في حالة قراءة لما يجري وتقييم مستمر، وفي ضوء ذلك يتخذ إجراءات عدة على الأرض لمنع تحقق أي (سيناريو تصعيدي) للعمليات يمكن أن يهز كيانه، ويسابق الزمن للقضاء على أي تهديد محتمل ويتحرك في كل اتجاه لعله يصل لنتائج مرضية تمكنه من التقاط أنفاسه وذلك عبر: اجتياح مناطق مختلفة من الضفة الغربية، وشن عشرات عمليات المداهمة والاعتقال، وتصفية الكثير من النشطاء والمطلوبين، وتأمين الكثير من المناطق، ونشر قوات إضافية في نقاط التماس، والطرق التي من المحتمل أن يسلكها الفدائيون، ورفع مستوى التنسيق والتعاون الأمني مع أجهزة السلطة، وتشديد رقابته على كل وسائل التواصل والاتصال، ووضع العديد من القيود على حركة الفلسطينيين وغيرها من الإجراءات.
إلا أنه وعلى الرغم من كل ذلك فإن (التهديد ما زال قائمًا) والعدو في حيرة من أمره، ويفشل في القضاء على هذه العمليات، إذ لا يمكن تحقيق الأمن للاحتلال وهو مفقود لدى شعبنا الفلسطيني، وأي عدوان بأي صورة على شعبنا هو “حافز ودافع” مباشر لتحرك فدائي أو فدائيين جدد لاستهداف الأهداف الإسرائيلية، وعليه: فإن النتيجة التي يسعى لتحقيقها الاحتلال لا يمكن أن تجد لها رصيدًا على الأرض، حتى لو أحكم قبضته وإغلاقه للضفة والقدس وارتكب عشرات بل مئات وآلاف الجرائم واعتقل نصف شعبنا فإن حيوية هذا الشعب وحرصه وإيمانه بقضيته وقناعته بحتمية وضرورة بقاء الصراع مع الاحتلال هي أهم المعتقدات التي يؤمن بها شعبنا ولا يمكن أن يتراجع عنها أو يغيرها في أي وقت.
وعليه: فإن الحل الأمني لا يمكن أن يجلب أي أمن واستقرار للاحتلال وحتى الحلول السياسية المخادعة والتسهيلات الاقتصادية المزيفة لا يمكن أن تغير الأوضاع القائمة، إنما الحل فقط هو في وقف كل أشكال العدوان وبشكل فوري وإنهاء الاحتلال، وإلا فإن شعبنا سيواصل طريقه رغم التحديات ومهما كانت الأثمان، ولن يستجدي حقوقه من أحد، وسيقرر بإرادته الحرة مصيره وسيكنس الاحتلال بالعزيمة والإرادة والقوة مهما طال الزمن.