للأسبوع الثامن عشر على التوالي يخرج الإسرائيليون في مظاهرات احتجاجية على الانقلاب القضائي الذي تنوي حكومة اليمين تنفيذه، وفي الوقت ذاته بدأت الحكومة تشهد حراكًا داخليًا باتجاه خلافات وتباينات تتعلق بالملفين الإسرائيلي الداخلي، والفلسطيني الخارجي، ويقود العنصري “بن غفير” حملة لمعارضة توجهات نتنياهو التي يعدها استسلامية تجاه الفلسطينيين، حتى أنه قاطع جلسة الكنيست الأخيرة محتجًّا.
وفي حين دأب نتنياهو على تكرار مقولة أنه ينوي إعادة النظام السياسي الإسرائيلي برمّته لما يراه مناسبًا لتوجهاته الأيديولوجية، مستعينًا بائتلاف يميني فاشي، حتى لو كان ثمن ذلك الفوضى العارمة، فقد بادر وزير القضاء ياريف ليفين علانية وبكل قوته، لتنفيذ الانقلاب القانوني الذي أشعل النار في الشوارع.
في الوقت ذاته، فقد شرعت الأحزاب الدينية بتحقيق مخططاتها القديمة بشرعنة التهرب من التجنيد الإجباري، وصولًا لما خاضه بن غفير ذاته من حرب شعواء مع كبار ضباط شرطة الاحتلال بشأن حرب الصلاحيات، حتى وصلت الفوضى ذروتها بإقالة نتنياهو المؤقتة لوزير حربه “غالانت” بزعم أنه “تمرّد” عليه.
وبالرغم من كل ما حققه الائتلاف اليميني مما يعدها إنجازات على طريق ترجمة برنامجه الانتخابي، فقد ظهرت تصدعات في أوساطه، تمثلت بظهور اعتراضات من بعض أطرافه على أداء الحكومة والإعلان عن عدم رضاه عن أداء الحكومة على خلفية التصعيد الأمني مؤخرًا في الأراضي المحتلة، مما دفع مقربي نتنياهو للإعلان دون تردد بأن أي معترض على سياسة الحكومة بإمكانه الاستقالة.
مع العلم أن نتنياهو ذاته أظهر حرصًا لافتًا في الأشهر الأربعة الأخيرة، وهي عمر حكومته السادسة، على التعامل مع شركائه بالقفازات الحريرية، مُبديًا نفسًا طويلًا على ما عدَّه معظم الإسرائيليين ابتزازًا يمارسونه عليه، خشية انفراط عقد حكومته، الأمر الذي يطرح تساؤلات عن سبب وكيفية قراره المفاجئ الذهاب ضد بعض شركائه، ولا سيما “بن غفير” الذي يُعرف بأنه الحلقة الأضعف في التحالف الحكومي.
ربما لا يكون التفسير معقدًا، فنتنياهو يعتقد أن “بن غفير” “ينبح كثيرًا، لكنه لا يعضّ”، وأوساط الليكود لديها قناعة متزايدة بأن الأخير ضعيف في الوقت الحالي، فلا خوف من تهديده بالانسحاب من الحكومة، لأنه على أي حال لا يوجد عرض أفضل ينتظره خارج الائتلاف.
تجدر الإشارة إلى أن “بن غفير” يتهم نتنياهو بنقض وعوده الانتخابية شيئًا فشيئًا، واحدًا تلو الآخر، والتزاماته تتلاشى، ووصلت ذروة غضبه مما يعده انسحاب الحكومة أمام الفلسطينيين في شهر رمضان خشية تنفيذ تهديد المقاومة، مما أثار ذعر الحكومة في مواجهة صواريخ ونيران لبنان وسوريا وغزة، وفي حين يواصل “بن غفير” ورفاقه مقاطعة التصويت في الكنيست ولجانه البرلمانية، فإن نتنياهو يرفض التراجع عن توجهاته الجديدة، مما يعني أن اختبار مدى صمود الحكومة يقترب.