بالحديث عن تقنيات وتكنولوجيا تمنح للسلطة الفلسطينية في إطار الحكم الذاتي تعاد معادلة مبادئ اتفاقية أوسلو التي ما بقي منها إلا التنسيق الأمني وتم تحصينه بالمقدس في حديث قيادة السلطة.
زيارة بايدن فضحت المشهد الذي لا يقلد ما قام به الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بل يسبقه أكثر في الحميمية مع الاحتلال من الحفلات والبروتوكولات والتحيات والمديح للصهيونية والأوسمة والدفاعات الجوية والإسناد وتعزيز الحلف العربي من الغلمان، بينما نظرته لفلسطين كانت احتقارا حتى لاتفاقية رعتها الولايات المتحدة حينما يتحدث عن حل الدولتين ما زال ولكنه بعيد المنال الآن، وعن السلام بينما ماكينته العسكرية الممولة للاحتلال تقتل كل يوم، وكان من أبرز ضحاياها الصحفية الفلسطينية الأمريكية شيرين أبو عاقلة.
رفض بايدن لقاء أمهات الأسرى والشهداء بل ورفض حتى لقاء عائلة الصحفية أبو عاقلة بل وتعدى ذلك لإجراءات أمنية دللت على أنه يتعامل مع القضية الفلسطينية معاملة أمنية وأنه وجب توظيف كل شي فيها في إطار أمني لحماية الاحتلال وتصعيد الفتنة.
في زيارة بايدن تكشفت عورتنا كثيرا وبات وضعنا أكثر شفقة، وساحتنا أكثر اختراقا من المنظومة الدولية والمال السياسي، فالمشهد كان عبارة عن رسالة أمريكية واضحة المعالم أننا لا نتعامل مع أي جسم منتخب فلسطيني ولا مؤسسة تمثل الشعب بل من نتوافق على تعاملنا معه، جاء بايدن على ركام التجربة الانتخابية التي أحبطتها أدواته وحال اقتصاد تابع كبلته اتفاقيات أفرزتها اتفاقية أوسلو ومشهد تهويد تموله ماكينته الاقتصادية وفكرته الأيدلوجية وتحميه ترسانته العسكرية.
ضعف الموقف على وقع الترتيبات الإقليمية جعل الحالة الثورية في الضفة الغربية تتصاعد.
الإحباط الذي حاول ترسيخه الاحتلال في الساحة الفلسطينية وعزل المقاومة في غزة عن الاحتضان الشعبي وتفعيل الفتنة الداخلية في الضفة والردع اليومي من هدم واعتقالات؛ كلها مؤشرات تؤكد أن زيارات وخططا فاشلة وحتى أدوات انتهت صلاحيتها باتت في المشهد الآن، والذي وضع النقاط على الحروف فيها هم المقاومون الذين وسعوا معادلة المواجهة لتطال رام الله وطوباس والخليل بعد نابلس وقبلهم جميعا جنين التي ألهمتها غزة وجيش فصائلها المقاوم.
الآن وفي ظل الصفعة الأمريكية للسلطة والتي كانت واضحة المعالم وعنوانها تجريد رسمي وسيادي ووطني من صيغتها وحصرها في معادلة التنسيق الأمني والتحسينات التقنية والاقتصادية والتي أصلا ريعها لصالح الاحتلال.
وبين هذه المعادلات وغياب المؤسسات المنتخبة والتعامل مع القضية الفلسطينية والشعب على أنه عشيرة لها كبير، تمادى الاحتلال أكثر وأخذ الضوء الأخضر الثاني بعد أن منحهم ترامب الأول يهودية الدولة والقدس عاصمة “إسرائيل” ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب للقدس، ليأتي بايدن بتعزيز صهيونيته وإبراز حبه الأزلي للكيان من خلال زيارة حميمية يريد فيها مصلحة منهم وهم يريدون مصلحتهم الدائمة، فلأول مرة يكون رئيس أمريكي بهذا المشهد مع الاحتلال، فالذي دفعه لذلك أمنهم الذي في خطر وكذلك وعده لأوروبا بحل مشكلة الطاقة لديهم، فإذا لم تقم “إسرائيل” بالدور فوعده في خطر.
وتزداد الأمور تعقيدًا في الساحة الفلسطينية ولأول مرة يكون تأثير مباشر على قوى عظمى أي تطور في الساحة الفلسطينية، فكان هذه المرة مشهد الغاز والطاقة الأمر الذي تعتبره روسيا خطًّا أحمر وحربًا عليها بينما يراه الفلسطيني واللبناني وبعض الأطراف العربية انتهاكا للثروات وسرقة لها، وبالتالي تلاقت مصلحة بايدن والاحتلال والغلمان من جهة وتلاقت مصلحة المقاومة والشعوب وروسيا ودول أخرى من جهة لتكون القضية الفلسطينية محورًا مهمًا ومنعطفًا يحاول الجميع أن تكون له البصمة الأهم في توجيهه.
بين المتغيرات السابقة والخطة الصهيونية المستمرة والتطورات الدولية بات مهما الحديث عن البيت الفلسطيني والأجندة الوطنية وإعادة النظر في المشهد، لأن المرحلة المقبلة حساسة جدا ومهمة وحيوية وفيها من الحصاد إن أتقن قطافه الكثير من الإيجابية للشعب الفلسطيني.