مع تصاعد التوترات الأمريكية مع الصين حول العديد من مجالات التنافس، تظهر صناعات الرقائق واحدة من هذه القطاعات الخطيرة والحساسة، التي تضطلع دولة الاحتلال بها على نطاق واسع في السنوات الأخيرة.
ترصد المحافل الإسرائيلية جملة عوامل تركت تأثيرها على التراجع الكبير في تجارة الرقائق، ومنها وباء كورونا، والمنافسة بين القوى، وحرب أوكرانيا، مما أسفر في النهاية عن ضعف أساسي في أداء الموردين لها، ممن يعانون من مشاكل وسلاسل التوريد المعقدة التي قد تتأثر بالأحداث الجيوسياسية والأوبئة والكوارث الطبيعية والمخاطر المناخية.
يدرك الاحتلال، كما سواه من الأطراف المضطلعة بتجارة الرقائق، أنه كما يتعين عليه ضمان الوصول لموارد الغذاء والطاقة، كذلك في حرب الرقائق تسعى القوى العظمى لتحقيق الاستقلال التكنولوجي، بعد أن أقرت الولايات المتحدة وأوروبا قوانين بـ150 مليار دولار لدعم الصناعات التكنولوجية الوطنية.
كما يسعى الاحتلال للبقاء لاعبا مهما في عالم التكنولوجيا بشكل عام، وفي تصميم الرقائق بشكل خاص، لأنه في ظل غياب الإستراتيجية والاستثمارات الحكومية قد يجد نفسه متخلفاً، وقد تتضرر قدرته على النمو، لأن الالكترونيات من الغسالات والسيارات والهواتف الذكية وأنظمة الأسلحة المتطورة، مصنوعة من مكونات من أجزاء كثيرة من العالم، لكن “دماغ” أي جهاز إلكتروني عبارة عن شريحة صغيرة.
مع العلم أن المؤسسات الأمنية والعسكرية والصناعية الإسرائيلية ذات العلاقة تعتبر تصنيع الرقائق من أكثر العمليات الصناعية تعقيدًا وتكلفة على الإطلاق، وتعتمد على نظام توريد المواد الخام والملكية الفكرية وآلات الإنتاج والبرامج التي تصل من أجزاء كثيرة من العالم إلى المصانع الإسرائيلية، ولذلك تواجه إسرائيل تحديًا كبيرًا يكمن في التأكد من أن صناعة التكنولوجيا تتكيف مع التغيير العالمي، ولا تتخلف عن بقية دول العالم.
يكمن التخوف الذي يصاحب الاحتلال في الشكوك التي تحيط به من عدم كفاية المزايا الضريبية الحالية للحفاظ على مكانته في الشركات متعددة الجنسيات في مجال صناعة الرقائق، رغم بدء عدة دول بتقديم حوافز لشركاته في هذا المجال.
لا تخفي المحافل الصناعية والعسكرية الإسرائيلية من تصاعد تعقيدات وتكلفة صناعة الرقائق بشكل عام، وبشكل خاص مع تنامي التوتر الصيني الأمريكي بشأنها، خاصة وأن العالم بالكامل يعتمد تقريبًا على توريد الرقائق المتقدمة التي تنتج تايوان 90٪ منها، حتى أصبحت جزءً أساسيًا من المعادلة الجيو-استراتيجية والصراع بين القوى العظمى.
يتخوف الاحتلال من الرغبة الأمريكية بتقليل اعتمادها على الرقائق المنتجة في تايوان خشية أن تجد نفسها في حرب مع الصين، مما سيوقف إنتاج مصانع الرقائق، وإلحاق الضرر بالاقتصاد العالمي، ومنه الإسرائيلي.