الشجب والإدانة والاستنكار والتواطؤ هي عادة السلطة الفلسطينية المُتمثّلة برئيسها محمود عباس، فبعد كل جريمة قتل مُمنهجة ترتكبها قوات الاحتلال الصهيوني بحقِّ الفلسطينيين في أرجاء الضفة الغربية المحتلة، تقوم الرئاسة الفلسطينية بتكرار مسلسل الإدانة والاستنكار لممارسات قوات الاحتلال لارتكابها جريمة القتل المُمنهج؛ لكن تُمارس ذلك القول بنفاق وطني وذل سياسي وإهانة فلسطينية منقطعة النظير، مع أنّ جريمة إعدام الشاب عمار مفلح “بدم بارد”، جريمة مُكتملة الأركان وتستدعي ثورة كل الضمائر والمكونات الفلسطينية الحيّة للرد المطلوب الفعلي والحقيقي، ولا سيَّما وأنّها حدثت أمام مرأى ومسمع الرأي العام الفلسطيني والعربي والدولي، إضافة إلى مرأى قيادات السلطة الفلسطينية الحاكمة التي تتعامل مع جرائم الاحتلال بالصمت والتواطؤ والتخاذل والتنازل عن الثأر للدم الفلسطيني المقدّس.
المُستفز والمُستهجن في الأمر هو أنّ الرئاسة الفلسطينية التي تُدين وتستنكر انتهاكات الاحتلال الصهيوني أمام الرأي الفلسطيني العام كذبًا وزورًا ونفاقًا، هي نفسها التي ترتكب جريمة التنسيق الأمني والاعتقال السياسي للشباب الفلسطيني الثائر في نابلس وجنين وطولكرم والخليل ومدن وقرى الضفة الغربية المحتلة، وهي التي تعمل لخدمة الاحتلال وتحافظ على سلامة أمنه واستقراره المزعوم، ولعلّ ما قالته حول جريمة القتل لكونه جريمة بشعة كما وصفت “إعدام الشاب عمار مفلح برصاص الاحتلال بدم بارد جريمة بشعة ضمن سلسلة الجرائم ضد شعبنا” يتطلب منها البرهان الفعلي على ذلك والأخذ بزمام الأحداث المُتسارعة، للرد على جرائم الاحتلال الصهيوني ومحاسبته دوليًا على ما اقترفت قواته من قتل واغتيال عمد مع سبق الإصرار والترصد لا أن تتخفّى خلف الشعارات الزائفة والمصطلحات الباهتة التي لا تُسمن ولا تغني من جوع خاصةً في حالتنا الفلسطينية الثورية.
إنّ مشهد قيام الجندي الصهيوني بإعدام الشاب الفلسطيني عمار مفلح بالرصاص الحي من مسافة صفر عصر الجمعة في بلدة حوارة جنوبي نابلس بالضفة الغربية المحتلة، كفيل بأن تُحرِّك السلطة ضميرها الميت وأن ترفع يدها وقبضتها الأمنية عن الشباب المُقاوم وتمتنع عن ملاحقتهم، وذلك ليقوموا بإشعال المواجهة الشاملة مع قوات الاحتلال الصهيوني.
ويجدر الإشارة إلى مقطع الفيديو للجريمة النكراء، والذي تداولته صفحات فلسطينية على شبكات التواصل الاجتماعي، وذلك للجندي الصهيوني وهو يتدافع بالأيدي مع الشاب الفلسطيني عمار مفلح، قبل أن يقوم بإطلاق النار عليه من مسافة صفر، وهو ما أثار غضب واستياء الشارع الفلسطيني وسخطه على أداء السلطة الفلسطينية نتيجة منحها الاحتلال فرصة التغول على الدم الفلسطيني وتركها للشاب مفلح ملقى على الأرض دون أن تهب أو تُسرع عناصر أجهزتها الأمنية لإيقاف حقد الجيش الصهيوني وردعه!.
ويُضاف إلى جريمة قتل عمار مفلح وصمت السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية وغضّها الطرف عنها وتمريرها دون أدنى حساب، جرائم قتل متعددة للجيش الصهيوني، منها وقعت خلال الأيام القليلة الماضية، حيث إذ قتل الجيش الصهيوني 9 فلسطينيين في رام الله وجنين والخليل بالضفة الغربية المحتلة في أقل من 72 ساعة ليرتفع العدد باستشهاد عمار مفلح إلى 10 شهداء منهم الأخوين ظافر وجواد الريماوي.
أخيرًا ومع اتضاح سياسة الحكومة اليمينية الصهيونية المُقبلة تجاه التعامل مع الشعب الفلسطيني وسماحها للقوات (الإسرائيلية) بارتكاب مزيد من جرائم القتل المتعمد، ولا سيّما مع تولي المُتطرف الصهيوني إايتمار بن غفير منصب وزير الأمن الداخلي وإعطائه التعليمات والأوامر بقتل الفلسطينيين، هل يُجدي الرهان على تحرك السلطة الفلسطينية محليًا أو دوليًا نفعًا؟!