مع اقتراب شهر رمضان المبارك تتزايد المخاوف لدى الاحتلال بعد عدة تقييمات أمنية خلصت إلى أن فرص التصعيد واندلاع موجة من العنف ستكون أكثر من أي وقت مضى، وأن إمكانية عودة الأحداث المتفجرة التي دفعت لمواجهة مباشرة خلال عام 2021 واردة وبقوة.
هذه المخاوف ليست فقط لدى الاحتلال بل لدى الإدارة الأمريكية والتي لا ترغب بحدوث أي مواجهة في هذه الفترة وتسعى مع (شركائها الإقليميين) لاحتواء الموقف ومنع مسببات الانفجار القادم خلال شهر رمضان، لذلك شهدت المنطقة حراكًا مكثفًا على كل الصعد لتدارك الموقف قبل فوات الأوان.
وتحرص هذه الأطراف كل الحرص على إحياء مساعي السلام، واستعادة الهدوء، وإعادة مسار التفاوض من جديد بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، في محاولة يائسة لخلق واقع جديد تكون فيه فرص الهدوء و(الاستقرار السياسي) أكبر من أي وقت مضى، لقناعة هذه الأطراف بأن العملية السياسية يمكن أن تشكل أفقًا مناسبًا للخروج من الوضع الراهن، واحتواء أي توتر قادم، وأن إحياء مسار التفاوض يمكن أن يؤدي لتفادي اندلاع انتفاضة أو مواجهة مرتقبة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الاسرائيلي، وذلك بحسب قناعة هذه الأطراف والتي تتحرك على مدار الساعة قبيل قدوم شهر رمضان المبارك.
وتدرك الأطراف أن الواقع الحالي (خطير ومعقد) للغاية؛ لكون السلطة الفلسطينية ضعيفة ولا تتمتع بأي حاضنة قوية تمكنها من استعادة الهدوء في ظل واقع جديد ظهر في الضفة الغربية بعد أن استطاعت المقاومة الفلسطينية استعادة عافيتها و”تنظيم صفوفها” في مختلف مناطق الضفة الغربية، ونجحت مؤخرًا في توجيه عدة عمليات نوعية للأهداف الاسرائيلية، وظهرت في اشتباك مباشر مع قوات الاحتلال في المواجهات الحاصلة في الضفة الغربية، وأثبتت أنها قادرة على التصدي لقوات الاحتلال وحماية شعبنا من بطشه وعدوانه، وقد تزامن ذلك مع تخاذل السلطة وتخليها عن الاضطلاع بمسؤولياتها الوطنية، الأمر الذي عاظم من حظوظ ورصيد المقاومة وأكسبها احتضانًا وتأييدًا كبيرًا من جماهير شعبنا في الضفة الغربية، ورفع من مستوى السخط العام ضد السلطة وأجهزتها.
ليس هذا فحسب فإلى جانب ضعف السلطة وعودة المقاومة للواجهة فإن قوات الاحتلال ذاتها تساهم بشكل فعلي ومباشر في تسخين الأوضاع في ظل صعود حكومة “متطرفة للغاية” تسعى لفرض واقع (أمني وسياسي) جديد في الأراضي الفلسطينية، وذلك عبر: 1/ فرض تقسيم زماني ومكاني في الأقصى والاستيلاء على مساحات إضافية من الأراضي في القدس، 2/ التصديق على زيادة النشاط الاستيطاني، 3/ فرض سياسات انتقامية جديدة على الأسرى، 4/ سن قوانين أكثر تطرفًا بحق الأسرى وبحق ذوي منفذي العمليات وبحق المقدسيين، 5/ إعطاء صلاحيات جديدة وتعليمات مباشرة لقتل مزيد من الفلسطينيين، 6/ استغلال أي ظرف لاستهداف قطاع غزة وتشديد الحصار عليه، وغيرها من السياسات العدوانية.
هذه الأسباب تجعل من المهمة الحالية صعبة للغاية فلا أحد يملك القدرة على إقناع حكومة الاحتلال بوقف العدوان والتصعيد الحالي، كما أن أي من هذه الأطراف لا يملكون القدرة على ممارسة الضغط على الاحتلال، فضلًا عن أن الاحتلال وفي اتصالاته ولقاءاته مع مختلف الأطراف لم يبدِ أي استعداد لوقف عملياته العدوانية، لذلك لم نلحظ أي تقدم ملموس في الحراك الجاري والجهود لا تزال تصطدم بجدار الفشل؛ لأن ممارسة الوصاية على شعبنا لن تكون مقبولة، ولا أحد يمكنه القبول بالهدوء أو تقديم أي تعهد بوقف العمليات من جانب واحد في ظل استمرار العدوان الاسرائيلي بكل أشكاله.
وبالتالي: فإن فرص التصعيد لا تزال قائمة والانفجار قادم لا محالة في شهر رمضان المبارك وجهود هذه (الإطفائيات) لن تفلح في إحداث اختراق جديد، ولن تفلح مستقبلًا في تطويق نشاط المقاومة، لذلك فإن وسائل الإنعاش للسلطة سواء من خلال (الدعم المالي، وتدريب العناصر) لن تفي بتحقيق الغرض ولن تكون قادرة على إعادة الوضع إلى حالة الهدوء التي تصبو إليها الأطراف، وما على الاحتلال سواء انتظار المفاجآت التي تعدها له المقاومة والتي ستجعله يجثو على ركبتيه من حجم وزخامة الضربات التي سيتعرض لها؛ لأن من يعتدي على شعبنا يجب أن يستعد لدفع ثمن مضاعف وغير مسبوق.