فيما تواجه دولة الاحتلال جملة من التحديات الأمنية المتلاحقة، ومن عدة جبهات، وفي آن واحد معاً، تتركز الأنظار باتجاه الاشتباكات الفلسطينية الأخيرة في مدن الضفة الغربية باعتبارها ظاهرة حقيقية قد تؤدي إلى انتفاضة شاملة، مع أنها ليست موجهة من قبل المنظمات المسلحة فقط، بل تنبع من الغضب القومي المتراكم لدى الشباب الفلسطيني الذين لم يشهدوا الانتفاضة الثانية.
أكثر من ذلك، فإن المحافل العسكرية الإسرائيلية المحيطة بهيئة أركان الجيش، لا تخفي أن هناك قضية واحدة تشغل بال الجيش والشاباك حاليا أكثر من الاتفاق النووي مع إيران، بل وأكثر من تهديدات حزب الله، وهي متابعة ما يحدث في الساحة الفلسطينية من هذه الاشتباكات المتلاحقة، مما يدفع المؤسستين العسكرية والأمنية لأن تبدي مزيدا من الجاهزية والاستعداد لمثل هذا التطور الفلسطيني المتوقع، ومحاولة منعه.
وقد سرّب الجيش والشاباك معلومات متواترة مفادها أنهما بصدد تكثيف عملياتهم العدوانية في الضفة الغربية استعدادًا لتصعيد محتمل قبل الأعياد اليهودية في نهاية الشهر الحالي، والتبرير السائد أنه “إذا كنا لا نرغب بتلقي هجوم في قلب (تل أبيب) وبنى براك وإلعاد، فيجب علينا الدخول إلى جنين ونابلس”، خاصة بعد آخر خمس عمليات هجومية خلال أسبوع واحد.
أكثر من ذلك، فإن تقديرات الاحتلال أنه مع نهاية فصل الصيف، وقبل موسم الأعياد اليهودية، سيكون هناك تدهور أمني، وربما بداية لتصعيد جديد، مما قد يعني في السياق أن الجيش سيواصل ما يصفها بعملية “جز العشب”، المتمثلة باستمرار حملات الاعتقالات والمداهمات، بزعم منع أي هجمات متوقعة الفترة القريبة القادمة.
في ذات السياق، ما زال الإسرائيليون يبحثون نتائج العمليات الأخيرة، في ظل استمرار البحث عن منفذين محتملين آخرين يتجهزون لتنفيذ هجمات قادمة، والعمل على تأمين طرق الضفة الغربية التي يستخدمها المستوطنون، وعدم احتكاكهم بالفلسطينيين، وخشية استهدافهم من الشبان الفلسطينيين بالحجارة والزجاجات الحارقة، حيث يخشى كثير منهم المرور في هذه الطرق، لاسيما في ساعات الليل.
القناعة الإسرائيلية السائدة في هذه الفترة أن الضفة فيها خلايا مسلحة “نائمة”، رغم الصعوبات التي تواجهها لتنفيذ الهجمات ضد أهداف إسرائيلية، مما قد يتطلب إعادة العمل بنشر المزيد من الحواجز العسكرية، وزيادة المداهمات الليلية.
وزعم أن زيادة التواجد العسكري الاحتلالي في المزيد من مناطق الضفة من شأنها الحدّ من تنفيذ الهجمات، فإن الجيش يطالب المستوطنين بأخذ المزيد من الاحتياطات الأمنية لحماية أنفسهم من أي عمليات فلسطينية، ورغم كل الجهود التي يبذلها الاحتلال، لكنه لم يحقق نتائج بنسبة مائة بالمائة، فالضفة الغربية فيها من الوسائل القتالية الشيء الكثير، ويمكن استغلالها بتنفيذ عملية أو هجوم في أي لحظة.