الكاتب: ناصر ناصر
يبدو بأن الدافع الرئيس لدى بن غفير لاقتحام الأقصى، هو عدم الظهور بمظهر الخانع للنقاش الإعلامي التهديدي ضده في حالة دخوله الأقصى، وقد نال الشرعية السياسية من نتنياهو بعد أن تم منحه الشرعية الأمنية في اجتماعه مع رئيس الشاباك رونين بار وذلك بعد تأكده من ثلاثة شروط:
الأول أن يكون الاقتحام في الساعات المبكرة من اليوم، وهذا ما حصل فعلا في الساعة السابعة صباحا، حيث لا يتواجد عدد كبير من المصلين الفلسطينيين.
الثاني أن لا يحتوي الاقتحام على مساس بالوضع القائم وفقا للرؤية الإسرائيلية الحالية، أي اقتحام دون صلاة أو نشاط استفزازي آخر. وهذا ما تم وفقاً لمواقف حكومات “إسرائيل” المتعاقبة.
الثالث: أنه لم تكن هناك أي تحذيرات أو معلومات أمنية حول إطلاق صواريخ من قطاع غزة، وهي إحدى الاعتبارات التي يأخذ بها المقتحمون حين اقتحامهم.
وكل هذه الشروط الثلاثة وفقاً لدورون كدوش المراسل العسكري لراديو الجيش صباح هذا اليوم .
الخطورة في اقتحام وزير الأمن القومي لدولة الاحتلال لأقدس مقدسات المسلمين تكمن في ثلاثة أمور رئيسية:
أولا
أن الاقتحام جاء في ظل خطاب ونقاش فلسطيني وإسرائيلي وإقليمي ودولي مهدد ومتوعد مما قد يعني أن بن غفير قد حقق إنجازا على مستوى (الحرب على الوعي والذاكرة)، هذا شريطة عدم حصول رد مناسب من المقاومة الفلسطينية خلال الساعات القادمة.
الثاني
التشريع والاستهانة المتزايدة في قرار حكومة الاحتلال الاقتراب من المسجد الأقصى المبارك، مما يبشر وللأسف الشديد بالمزيد من الانتهاكات. وبمعنى آخر تراجع الردع الفلسطيني أو معادلة توازن الرعب التي تم تثبيتها بصورة معقولة بعد عملية سيف القدس 2021.
الثالثة
الفجوة المستمرة في الخطاب الإعلامي للمقاومة، بين التهديد والوعيد وبين الفعل على الأرض، فحتى اللحظة لم ينجح هذا الخطاب في إيجاد نقطة التوازن بين التعبئة والتهديد الضروريين داخليًّا وخارجيًّا وبين القدرات على التنفيذ وضرب الاحتلال وتدفيعه أثمانا لانتهاكاته على أرض الواقع.
من المناسب أن تسارع المقاومة الفلسطينية بأخذ الدروس والعبر مما حصل وعدم الاكتفاء بالخطاب التبريري، فالمقاومة كانت وما تزال محط أنظار كل الأحرار والشرفاء في العالم بما عهدوه عليها من شجاعة وحكمة ومصداقية.