حسام الدجني|| رحم الله شهداء شعبنا الفلسطيني، وآخرهم شهداء جنين القسام، الذين اغتالتهم قوة خاصة وسط أهم شوارع المحافظة وأكثرها اكتظاظاً شارع أبو بكر، ما يطرح تساؤل حول الأمن المفقود بالمحافظة؟ وما العمل؟
ثلاثة مستويات من المسؤولية ينبغي مناقشتها فلسطينيًّا حول عمليات توغل القوات الخاصة الإسرائيلية في مدن الضفة الغربية، على النحو الآتي:
المستوى الأولى والأكبر في المسؤولية يقع على السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية، لأن عملية الاغتيال وقعت في قلب مناطق (أ) وبعد قرار وقف التنسيق الأمني، بوضوح أكثر وحتى يعلم الرأي العام بأن اتفاق أوسلو وما تلاه من اتفاقيات أمنية علنية أو سرية تقضي بانسحاب الأجهزة الأمنية والشرطية من الشوارع عند إبلاغها بوجود نشاط أمني للجيش الصهيوني في المدن الفلسطينية، وهذا يضعنا أمام احتمالين:
الأول: أن وقف التنسيق الأمني غير حقيقي، وهو بمثابة تضليل للشعب الفلسطيني، وأن الأمن المفقود في مدن الضفة الغربية في مواجهة الجرائم الصهيونية ما هو سوى تنفيذ للاتفاقيات، وتقاطع للمصالح والأهداف في ضرب مقاومة الشعب الفلسطيني.
الثاني: ما يحصل هو بمثابة تقصير أمني من السلطة الفلسطينية، وهذا احتمال ضعيف، لأن عدد الجرائم الصهيونية كبير ومكرر ولم يتم الأخذ بالأسباب لمنع جرائم الاحتلال، وأيضاً لم يلمس المواطن قرارات مثل إقالة محافظ جنين أو مدير شرطة أو أمن بسبب حالة الإخفاق الأمني في مدن الضفة.
المستوى الثاني يقع لدى المقاومة الفلسطينية، والتي يعلم القاصي والداني ظروفها الصعبة، وتضحياتها الجسام، مسؤولية في اتجاهين:
الأول: في ظل إدراك الجميع بنظرية الأمن المفقود، وأن حماية المدن يجب أن تقع على كاهل الشباب الثائر، السؤال المطروح، لماذا لا يكرر الشباب المقاوم تجربة قطاع غزة عبر ما يعرف بالمرابطين، مع مراعاة الظروف الأمنية المعقدة في الضفة الغربية، على سبيل المثال، وجود مسلح أو اثنين على مدار الساعة في كل كيلو متر مربع بزيه المدني (متخفي)، ضمن خطة متكاملة، وتنسيق عالٍ بين مكونات المحافظة.
الثاني: مزيد من الاحتياطات الأمنية للمقاومين تتمثل في عدم السير في سيارة واحدة، وعدم استخدام الموبايلات، ووجود مرافقين في بعض الحالات الضيقة، ومحاكاة دورية لوجود قوات خاصة عبر وجود قوة ظل تحرس المقاومين عند سيرهم في شوارع المحافظة.
المستوى الثالث: يتمثل في الحاضنة الشعبية للمقاومة، وأن يعي جميع أبناء شعبنا أن المقاوم اختار طريقه ليس لأغراض شخصية أو حزبية، بل من أجل أن نعيش بكرامة، وأن نستعيد أرضنا وقدسنا، ونحرر أسرانا، وفاتورة النضال عالية جدًّا، وعليه المسؤولية الشعبية ينبغي أن تؤسس حاضنة شعبية كبيرة تحمي ظهر المقاوم وتحفظ أمنه وتدعمه وتضغط بكل الوسائل من أجل حمايته، وهنا لابد أن نرفع القبعة لكل أبناء شعبنا الفلسطيني وعلى وجه الخصوص أبناء جنين الذين هاجموا القوة الخاصة بأيديهم وحجارتهم.