تعتقد الحكومة الإسرائيلية واهمةً أنَّ قتلها لأبناء الشعب الفلسطيني فرادى وجماعات، مدنيين أو أعضاء في منظمات سيحول الفلسطيني من ثائر من أجل الحرية إلى منكسر يسعى نحو مطالب إنسانية يمنُّ عليه بها الاحتلال، بيد أنَّ التجربة أثبتت أنَّ إمعان الاحتلال وآلته العسكرية في جسد الآمنيين الفلسطينيين لم تنل من أعناق الرجال، ولم تخفت من طموحاتهم، ولم تجعلهم إلا مناضلين يحملون ما تيسر من سلاح ليقاوموا المحتل الجاثم على أرضهم.
في مخيم نورشمس بالقرب من مدينة طولكرم الساحلية المحتلة تغرس العائلات في نفوس أبنائها حب المقاومة، وتنمو مع مرحل العمر سمات القوة، ويتغذى الفتيان على معاني العنفوان والأنفة والعزة والكرامة، فإذا شب الواحد منهم أصبح مقاتلاً مدافعاً عن وطنه، يحمل روحه على كفه ويلقي بها في مهاوي الردى باحثاً عن حياة تسر الشعب الفلسطيني أو شهادة يغيظ فيها المحتل وأعوانه من المرتزقة.
ليلةٌ ساخنة
مساء الأربعاء الموافق 26 ديسمبر/ كانون أول من عام 2023 اقتحم الجيش الإسرائيلي مدينة طولكرم الواقعة شمال الضفة الغربية المحاذية للحدود الشرقية للأرض المحتلة عام 1948 مستخدماً آلات الحرب المتنوعة ومسيراته القاتلة وحاملات الجند، كانت ليلة تشبه ليالي أيام انتفاضة الأقصى عام 2000 فعدد الجنود المنتشرين كبير، وإطلاق النار من كل حد وصوب.
واصل الاحتلال الإسرائيلي هجومه المباغت، واستمر حتى وصل مخيم طولكرم القريب من مستشفى ثابت ثابت، المجاور للمقاطعة التي يقطنها آلاف الجنود التابعين للسلطة الفلسطينية الملتزمة بالتعاون الأمني مع الاحتلال، وبدأ الناس في المدينة يستمعون لأصوات الرصاص المنبعث من بندقية الاحتلال ثم الاستماع إلى انفجار بعض العبوات المحلية التي زرعها المناضلون في طريق الاحتلال.
ثم توجه الاحتلال تلقاء مخيم نورشمس، وبدأ بالعبث في شوارع المخيم فجعلها ساحة حرب محروقة، مدمراً كل شيء يأتي عليه، حارقاً العديد من المركبات الفلسطينية، بدى الغدر ظاهراً من قبل المحتل في تلك الليلة الساخنة، حتى علم الفلسطينيون بأنَّ مسيرةً إسرائيلية قتلت 6 من الشبان المدنيين أثناء ممارستهم لحياتهم الطبيعية في المخيم إضافة لجرح ثلاثة آخرين وصفت جراحهم بالخطيرة.
شهداء في مقتبل العمر
استقبل مستشفى ثابت ثابت 6 شهداء من مخيم نور شمس في تلك الليلة الساخنة وهم : “أحمد أنور حمارشة (19 عامًا)، وأحمد عبد الرحمن عيسى (19 عامًا)، وأدهم محمد فحماوي (23 عامًا)، ويزن أحمد وحيد فحماوي (23 عامًا)، وفارس حسام فحماوي (29 عامًا)، وحمزة أحمد مصطفى فحماوي (17 عامًا).
وذكرت وزارة الصحة الفلسطينية أنَّ شابًا عمره 24 عاًما أصيب بجروح خطيرة بالرأس وصفت حالته بالحرجة. ومن جانبها، ذكرت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في بيان لها أنَّ قوات الاحتلال أعاقت وصول طواقمها إلى داخل مخيم نور شمس.وبينت أنَّ القوات احتجزت الطواقم لأكثر من ساعة قبل السماح لها بدخول المخيم، ونقل مصابين وجثامين شهداء.
شبان في مقتبل العمر يغادرون الحياة على أيدي الاحتلال الإسرائيلي الذي يعتقد أنَّ ذلك العدوان وأمثاله سيمنحه فرصة البقاء على الأرض الفلسطينية إلى الأبد، بيد أنَّ التجربة تفيد أنَّ الاحتلال دوماً سيزول عن الأرض التي سترجع لأهلها الأصليين، وأن المقاومة الفلسطينية لا تنكسر لكنها تتعرض لأوقات صعبة ثم سرعان ما تنهض لتعتلي جواد المقاومة لتغير على المحتلين صانعة المجد طارقةً أبواب الحرية.