القدس تمثل محور الصراع مع العدو الصهيوني، طالما أنه محتل أراضينا ومغتصب مقدساتنا، فالقدس هي الروح في جسد الفلسطيني والوعد الباقي والعقيدة الثابتة والقبلة المقدسة، وهي جمال الوطن كجمال يوسف، ونحن عليها كأبيه يعقوب، فالأقصى عقيدة وهوية، إن المساعي الحثيثة من صناع القرار في الكيان الغاصب لتغيير هوية الأقصى تعد محاولات فاشلة، الأمر الذي تجاوز ما كنا نعتقد بأنه تقسيم زماني ومكاني، والذي أصبح يسعى له الآن جماعة الهيكل واقعاً يطبق في ساحات الأقصى المبارك عملياً باعتبار المسجد الأقصى المبارك هيكلاً قائماً يحشدون من أجله آلاف المستوطنين لتأدية طقوسهم المحرفة وصلواتهم التلمودية، وعاهرات يهودية متطرفة تسرح وتمرح بلباس فاضح وعاري في انتهاك صهيوني واضح وسط حراسة أمنية مشددة تستفز مشاعر المسلمين خلال اقتحامها باحات المسجد الأقصى برفقة حاخامات صهاينة هذه المشاهد التدنيسية تعتبر تحدي خطير لحرمة أولى القبلتين ومسرى رسول الله ﷺ، ووقاحة سياسية بتشجيع من حكومة الاحتلال على نحو لم يكن سابقاً في الشكل أو المضمون لينذر بإنفجار حرب دينية شاملة لا تبقي ولا تذر عنوانها إما أن يعود إلينا الأقصى كاملاً مُطهراً أو نفقد هويتنا العربية وقدسيتنا الإسلامية وتأكلنا الأمم على قصعتها إلى الأبد، فالمقاومة شَرعَت سيفها بهدف تحرير المقدسات وحماية الثوابت الوطنية، فمن يلعب بالنار يكتوي بها.
هل الاقتحامات ستمر مرور الكرام أم ستفجر انتفاضة جديدة ؟؟
جماعة الهيكل المزعومة تستعد لطوفان اقتحامات واعتداءات جديدة في الأيام المقبلة دعت لها خلال موسم الأعياد المرتقبة والتي ستبدأ بعيد رأس السنة العبرية بتاريخ 26 و27 أيلول/سبتمبر مروراً بعيد الغفران بتاريخ 05 أكتوبر وإنتهاءً بعيد العرش بتاريخ 10 حتى 17 أكتوبر مستخدمين معهم أساليب استفزازية للفلسطينيين خصوصاً والمسلمين عامة منها مسابقة الجماعات الصهيونية المتطرفة بنفخ البوق داخل باحات المسجد الأقصى وتأدية الصلوات التلمودية والسجود الملحمي التي يؤدوها الصهاينة في طقوس الزواج وعقود قرانهم اليهودي في محاولة للسعي لإدخال القرابين للأقصى المبارك، أعياد صهيونية اتخذها الاحتلال فرصة لتصعيد الاعتداءات على الأقصى وحشد المستوطنين لاقتحامات كبيرة تتضمن ألبسة وأدوات وطقوساً توراتية يتعمد الاحتلال التضييق بها على المقدسيين عبر سياسات الاعتقال الاداري والابعاد القسري عن الأقصى، لتحقيق التقسيم الزماني والمكاني وتأكيد حقهم اليهودي من خلال تأديتهم الطقوس التلمودية داخل ساحاته وأروقته وهذه محاولات فاشلة لن تنجح في تمرير مخططاته التهــويدية الجديدة لاستنساخ تجربة “الفرنسة”، في سياق الصراع الانتخابي الاسرائيلي الناتج عن الخوف بفشل اليمين الصهيوني بالانتخابات القادمة.
الأعياد العبرية تُعد موسم العدوان الأعتى على مسرى رسول الله وليست محطات عادية إنما هي أيام يكون فيها الأقصى بخطر حقيقي، فما يمارسه الاحتلال يمثل إرهاب دولة بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته الدينية ومكوناته ومعتقداته المختلفة، وتكثيف الاقتحامات اليهودية والاعتداءات الصهيونية المتكررة للأقصى عدوان صارخ للمقدسات الإسلامية التي لن تبقى دون ردع ولن تستمر دون رد، نفخ البوق علنا جهارا نهارا في المسجد الأقصى خلال الأعياد اليهودية المرتقبة بمثابة ترسيم مكانا للعبادات التوراتية وإعلاناً بأن الأقصى بات هيكلاً تحت السيادة الصهيونية وهذا ما يسعى إليه كيان الاحتلال، وهو نفخ لنار المواجهة فلن تترك المقاومة الأقصى وحيداً وما سيف القدس ببعيد.
الصلوات الصامتة أقرتها محاكم الاحتلال بأكتوبر 2021 واعتبرته حق لليهود في تأديتها بالتزامن مع موسم الأعياد التوراتية، أما السجود الملحمي التوراتي أقر تأديته بمارس 2022 باعتباره عملاً مشروعاً في الأقصى قبيل موسم العدوان على الأقصى في عيد الفصح العبري، وقدمت جماعات الهيكل التماساً لمحكمة الاحتلال العليا للمطالبة بالسماح لها التحضير للنفخ في البوق بعيد رأس السنة العبرية وزعمت أنه لا يوجد شيء اسمه الوضع القائم، هذه طقوس تلمودية تحاول الجماعات إدخال أدوات الصلاة المقدسة بما يشمل رداء ولفائف الصلاة السوداء (طاليت وتيفيلين) وكتاب الأدعية (سيدور) وإدخال قرابين العرش النباتية إليه المعروفة باسم الأصناف الأربع وتشمل الحمضيات وسعف النخيل وأغصان الصفصاف والورود المجدولة.
القناة 12 العبرية: قائد الشرطة يعقوب شبتاي: “ابتداءً من ليلة السبت سيتم رفع مستوى التأهب إلى أعلى مستوى في جميع أنحاء البلاد، حتى نهاية فترة الأعياد وهناك زيادة كبيرة في عدد التحذيرات بشأن احتمال وقوع عمليات قومية، حيث هناك قلق أمني قبيل الأعياد، فمكونات المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تستعد لشهر متوتر في مختلف الساحات، خلال طوفان اقتحامات المستوطنين بالأقصى نتيجة تصاعد العمليات في المرحلة الأخيرة، وأوعزت قيادة الجيش الإسرائيلي بتعزيز كتيبة واحدة إضافية على الأقل في الضفة الغربية وغلاف القدس، وانتشار عناصر الشرطة الإسرائيلية وقوات حرس الحدود لحفظ النظام في القدس، أما في جبهتي الجنوب والشمال يحافظ الجيش على حالة استنفار عالية وانتشار القبة الحديدية في أعقاب تهديدات حماس وحزب الله.
أهمية الأعياد اليهودية وتأثير الحشد لها ؟
أولاً/ («غوش هشنه» بالعبرية «رأس السنة») هو عيد يهودي يحتفل به اليهود بمناسبة رأس السنة العبرية الذي يحل في يومي الأول والثاني من تشرين العبري شهر طلب الرحمة والمغفرة وبه تبدأ أيام التوبة العشرة التي تختتم بما يسمى عيد الغفران، وهو يصادف يومي الاثنين والثلاثاء الموافق 26–27/09/2022م، معناه الديني في توراة اليهود هو إعلان بداية مرحلة جديدة من الزمان الإنساني بالتقويم العبري وينفخ في البوق لإعلان هذه البداية إيذاناً بالاقتراب خطوة إضافية من مجيء المخلص، فيما تسعى جماعات المعبد لفرضها في المسجد القبلي بالأقصى من خلال التوظيف السياسي والديني للنفخ بالبوق وإرتداء الثياب البيضاء، لتكريس طبقة الكهنة التي تقود الصلوات التوراتية بموازاة الأئمة المسلمين في مشهد التوبة للرب الإله، أما نفخ البوق فهو علامة سيادية يعطيه الحاخامات اليهودية معانٍ عجائبية أبرزها تعجيل مجيء المخلص، لذلك حرصت حاخامية الجيش عليه عند احتلال سيناء في حرب 1956 وعند احتلال الأقصى في 1967 وينفخ أيضاً في عيد الاستقلال وعند تنصيب رئيس جديد والأعياد الثلاثة المقدسة لديهم، ومن تقاليد العيد تناول شرائح التفاح المغموسة بالعسل، رمزاً لأمل أن تكون السنة الجديدة حلوة؛ أما التقليد الثاني فهو التوجه إلى مصدر مياه مثل أحد الأنهار أو الينابيع، حيث تتم تلاوة بعض آيات التوراة وإلقاء قطع من الخبز في الماء رمزا “إلقاء” جميع ما ارتكبه الإنسان من خطايا خلال العام المنصرم، وتتم ممارسة هذه الشعائر عصر اليوم الأول من العيد، أو في اليوم الثاني، في حال صادف اليوم الأول يوم السبت، وفي هذه الحالة لا ينفخ في الشوفار في ذلك اليوم ليجري النفخ في ثاني يوم العيد فقط، ويعتبر يوم عيد رأس السنة عطلة رسمية، لا تعمل خلالهما المواصلات العامة في معظم أنحاء إسرائيل ولا تصدر الصحف.
ثانياً/ يوم الغفران في الواقع هو يوم صوم لليهود، ويطلق عليه «سبت الأسبات»، فهو أهم الأيام المقدَّسة عند اليهود على الإطلاق، ويقع في العاشر من تشرين العبري اليوم الأخير من أيام التكفير أو أيام التوبة العشرة التي تبدأ بعيد رأس السنة اليهودية وتنتهي بيوم الغفران)، وهو اليوم الذي يُطهِّر فيه اليهودي نفسه من الذنوب، ويطلب فيه الشعب اليهودي الغفران من الإله، ولا تزال لطقـوس الهيكل أصداؤها في المعـبد اليهـودي في الوقت الحاضر، إذ يُلف تابوت لفائف الشريعة بالأبيض لأنه فرصة للعبادة والاستغفار فقط، ولكن استحدثت بعض السلوكيات في شعائر هذا اليوم منها: الليلة التذكارية يستعد فيه للصوم في يوم الغفران، ويستمر الاستعداد له سبعة أيام، وتركزت العبادة فيه تُقام الصلوات التلمودية بدلاً من ذبح القربان ويصل ذروته في ليلة الغفران التي كانت ليلة ساهرة للكهنة، والرقص في حقول الكروم حيث تخرج فتيات إسرائيل للرقص بأثواب ناصعة البياض، وصلاة الكاهن في قدس الأقداس وإقامة مأدبة وتلاوة التوراة، جعل اليهود هذا اليوم يوما يُعلنون فيه نقضهم للعهود، وللمواثيق التي قطعوها مع “غير اليهود”، وأفتى فقهاؤهم بأن الداعي إلى ذلك كان إكراه اليهود على تغيير دينهم، وشاع بين عوام اليهود أن يوم الغفران هذا يجوز أكل الديون التي عليهم وعدم أدائها.
ثالثاً/ عيد العُرش أو عيد المظلة (بالعبرية سوكوت) وهو عيد يهودي يبدأ في الخامس عشر من شهر تشرين العبري ويستمر ثمانية أيام ويأتي بعد عيد الغفران، لإحياء ذكرى خيمة السعف التي آوت اليهود في العراء أثناء خروجهم من مصر بحسب معتقد التوراة، وهو من الأعياد الثلاثة المهمة لنص كتاب العهد القديم: عيد الفطير وعيد الأسابيع وعيد المظال، ويتوقف العمل في اليوم الأول والذي يعتبر عطلة رسمية وكذلك اليوم الأخير من العيد، وخلال الأيام الخمسة تقام المظلات قرب البيت أو على السطح وشرفات البيوت المفتوحة، وفي اليوم الثامن تبدأ صلوات طلب المطر.
المطلوب فلسطينياً لمواجهة طواف الاقتحامات والانتهاكات الصهيونية ؟؟
“يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله”، يا راحة الأقصى ومستراحه يا عونه وشبابه ورواده وخدامه يا أهل القدس اثبتوا على الحق وجاهدوا أنفسكم ورابطوا في الشوارع والطرقات وقاوموا المحتل الغاصب، أعياد صهيونية تواجهها إرادة شعبية قوية وأيام ثقيلة تحلُ على أولى القبلتين تزامناً مع الأعياد اليهودية المرتقبة فشد الرحال في هذه الأيام يشكل درعاً بشرياً حامياً لباحات الأقصى ورباطا وجهاداً في أقدس المقدسات الإسلامية، كما يجب على الكل الفلسطيني من الآن كل في موقعه القيام بدوره وواجبه في الدفاع عن الأقصى ونُصرته والتصدي للمخططات الاستيطانية في ظل الانتهاكات العنصرية والاعتداءات الصهيونية المتكررة والتي ستشهدها الأيام المقبلة نهاية أيلول الجاري.
دور الجيل الفلسطيني الصاعد العتيد خط الدفاع الأول عن القدس والضفة والداخل المحتل من هذه الاقتحامات هو التصدي بكل ما يملك من قوة لهذا الطوفان الصهيوني، بالاحتشاد المستمر والرباط الدائم، وتشكيل دروع بشرية تحيط سياجاً حول الأقصى، يهتفون بقلب رجل واحد “لبيك واجعل من جماجمنا لِعزك أقصانا سُلما”، كذلك التسلل للبؤر الاستيطانية واستهداف الحواجز والأبراج العسكرية واشعال نقاط التماس متواصلة مع جيش الاحتلال وتنفيذ عمليات نوعية وبطولية في عمق الكيان الغاصب، سنوقف طوفان اقتحاماتهم بأجسادنا وأرواحنا وبكل ما أعددنا فنحن لهم بالمرصاد.