توافق اليوم الذكرى السنوية العشرين لاستشهاد القساميين المجاهدين أحمد عثمان بدر، وعز الدين خضر مسك، في حي واد أبو اكتيلة غرب الخليل، بتاريخ 09/09/2003، وذلك خلال اشتباكٍ مسلح ومواجهات حامية استمرت أكثر من 20 ساعة.
القسامي أحمد بدر
ولد أحمد عثمان محمد شفيق بدر في مدينة الخليل بتاريخ 20/09/1981 في منطقة الحرس شمال مدينة الخليل، وهو آخر العنقود في أسرة مكونة من أب وأم وشقيقين أحدهما معتقل في سجون الاحتلال، وأربعة شقيقات، والتحق الشهيد بجامعة أبو ديس بكلية الشريعة لمدة عام واحد قبل أن يترك الدراسة.
ووصف أحمد منذ أن كان عمره ثلاث سنوات بالبطل، فقد كان يراقب الطريق للمجاهدين من أبطال الانتفاضة الأولى خاصة في منطقة الحرس ورأس الجورة، وكان كثيراً ما يقوم بإعطاء الإشارة لهم كي يقوموا بإلقاء الحجارة على جيبات الاحتلال العسكرية خلال مرورها من تلك المنطقة.
وشارك أحمد بنفسه في عمليات إلقاء الحجارة على دوريات الاحتلال، وفي إحدى المرات شاهده جنود الدورية وهو يعطي إشارة إلى أبطال الحجارة، فقاموا باعتقاله واعتدوا عليه بالضرب المبرح، ثم ألقوه في حفرة بارتفاع مترين، حيث تهشم جسده الطري وامتلأ بالشوك.
وفي حادثة أخرى فقد قام جنود الاحتلال بمحاصرته في منطقة قريبة من منزلهم، وقاموا بتفتيش كافة المنازل المجاورة للمكان الذي اختبأ فيه ولكنهم لم يعثروا عليه وردوا خائبين .
تدرج بالعمل العسكري
تدرج الشهيد بدر بالعمل العسكري من مراقبة إلى إلقاء الحجارة إلى نشاطات انتفاضية أخرى، من مشاركة في المواجهات أو تعليق أعلام حتى التحق بالعمل العسكري خلال انتفاضة الأقصى ضمن مجموعات القسام التي أشرف على تربيتها القائد القسامي عبد الله القواسمة الذي اغتيل في الخليل.
وكان الشهيد على علاقة خاصة جدا بالشهيد القائد عبد الله القواسمة حتى أن من لم يعرفوه يظنون أنه من عائلة القواسمة وليس من عائلة بدر، وبحسب شهادة مقربين من الشهيد عبد الله القواسمة، فقد كان الشهيد القواسمة لا يتحرج من إدخاله إلى بيته في أي وقت يشاء، إذا علم ان الطارق هو أحمد بدر.
وقد وصفت علاقتهما كعلاقة الأب بابنه والابن بابيه هذا فضلا عن أنه كان ذراعه الأيمن وقد تولى قيادة كتائب القسام في منطقة الجنوب من بعده، لشدة ورعه وتقواه وجهاده المنقطع النظير وقد اتهمت سلطات الاحتلال في مواقعها الإعلامية على صفحات الانترنت الشهيد بدر والشهيد عز الدين مسك بأنهم هندسوا شخصيا العمليات الأخيرة، التي تم فيها اقتحام عدد من المستوطنات المقامة على أراضي الخليل.
كما عرف عن الشهيد بدر بأنه صائد المستوطنين وكباتن الاحتلال حيث تعرضت سياراتهم للعديد من الحوادث خلال مرورها في حي رأس الجورة في مدينة الخليل، وقد أصيب في إحدى المرات المتطرف الصهيوني موشيه (ليفنجر) بجروح، هذا وقد ذكر أيضا أن الشهيد كان ممن ساهموا في المواجهات العنيفة في الخليل وقد أصيب في إحدى هذه المرات برصاصة في يده وقطع خلالها أحد أصابعه.
كان الشهيد قلبه معلق بالقرآن ويردد باستمرار سورة ياسين وتبارك، وكان يقرأ باستمرار سورة الكهف كل يوم جمعة، وكان صواما قواما ويصوم يومي الخميس والاثنين من كل أسبوع، وكما وصفه من عرفوه عن قرب أنه يحمل فكرة سليمة في فطرة سليمة ويحتضنها قلب سليم كما كان من الأتقياء الأخفياء.
قلبه معلق بالشهداء
وكان قلبه معلق بمسجد الحرس (مسجد الشهيد عبد الله القواسمة)، وثلة من كتائب القسام الذين سبقوه إلى الشهادة.
وفي بداية انتفاضة الأقصى وخصوصا بعد تصاعد الرد القسامي ضد المستوطنين وجنود الاحتلال في الخليل، ومن ضمنها عملية شارع موريا التي نفذها المجاهد القسامي محمود القواسمة ومحمود شبانة في مدينة القدس أيضا وعمليات باسم التكروري ومجاهد الجعبري وعملية الشهيد القسامي رائد مسك التي قتل فيه لوحدها 23 صهيونيا، أصبح لزاما على الاستخبارات الصهيونية أن تقوم باغتياله.
وكانت المطاردة الحقيقة من قبل سلطات الاحتلال وجهاز الاستخبارات الصهيونية قبل عام من استشهاده، حيث جاءت قوة صهيونية لاعتقاله من منزله وقد فتح لهم أحمد الباب بنفسه ولكنه تظاهر أمام جهل الجنود الصهاينة بشخصه، بأنه سيستدعي أحدا من أهله ولكنه ذهب إلى سطح المنزل واختفى عن الأنظار.
ومن معجزات الله في حمايته أن جنود الاحتلال حاصرت أحد المنازل وكان الشهيد مختبيء على سطحه، وقد قام الجندي بتسليط الضوء في وجهه عدة مرات دون أن يشاهده وذهبوا بدون ان يعتقلوه.
القسامي عز الدين مسك
ولد الشهيد عز الدين خضر مسك في مدينة الخليل بتاريخ 18/9/1977، وتلقى تعليمة الأساسي في مدرسة الصديق حتى الصف الثالث الإعدادي، وقد اعتقل لمدة 4 شهور أمضاها في الاعتقال الإداري.
أصبح مطلوبا لقوات الاحتلال قبل استشهاده بعام ونصف، وقد نسبت إليه سلطات الاحتلال التخطيط لعدد من العمليات الاستشهادية ومنها الدخول لمستوطنات خارصينا وكريات أربع ونفغوت وغيرها.
وللشهيد أربعة أشقاء، وتربى في ظلال مسجد الحرس حاله حال رفيق دربه الشهيد أحمد بدر، وكان صواماً قوماً مرتبطاً بكتاب الله رابطة قوية.
وكان يعمل عز الدين في قطاع البناء، إلا أنه كان يتقن أي عمل يقوم به، وعرف بنشاط مميز ضمن فعاليات حركة حماس منذ أن كان عمره 12 عاماً، وقد نشأت بينه وبين الشهيد أحمد بدر علاقة حميمة، حيث لم تكن تشاهد الأول إلا ومعه الثاني.
وعندما اغتالت قوات الإرهاب الصهيوني الشهيد القائد عبد الله القواسمة قامت سلطات الاحتلال باعتقال والده الشهيد مسك، مع والدة المطارد باسل القواسمة ابن أخ الشهيد عبد الله القواسمة، ومكثتا معا أربعة أيام للضغط عليهما لتسليم أنفسهما لقوات الاحتلال.
موعد الشهادة
لقن الشهيد أحمد بدر مع رفيق دربه عز الدين مسك العدو درسا لن ينسوه أبدا، عندما حاصرته القوات الخاصة الصهيوني مدعومة بطائرتين مروحيتين وقوات كبير جدا في حي واد أبو اكتيلة إلى الغرب من مدينة الخليل، وطوقوا العمارة بتاريخ 9/9/2003 ودارت مواجهات حامية استمرت أكثر من 20 ساعة.
وقد كانت المواجهات تأخذ شكل الكر والفر وقد قامت سلطات الاحتلال بتشريد أكثر من 26 عائلة كانت تقطن في العمارة، وألقوا بداخله العشرات من قذائف الدبابات والصواريخ، واشتعلت النيران فيها ثم قامت سلطات الاحتلال أيضا بإطلاق النار على المنازل المحيطة بها، ما أدى إلى استشهاد الطفل ثائر السيوري 13 عام وأصيب اثنين آخرين بجروح بليغة.
وبعد استشهاد البطلين عز الدين مسك والشهيد أحمد بدر، قامت سلطات الاحتلال بهدم المنزل بشكل جزئي ثم عادت في اليوم التالي وهدمته بشكل كلي.
وقد انتقم الله للشهيدين، حيث أعلنت كتائب القسام عن تنفيذ عمليتي مقهى هيلل في القدس المحتلة، وعملية صرفند، أثناء إخلاء جثة الشهيدين، ما أطفأ نار أبناء الخليل وجعلهم يحتفلون بشكل عفوي بالمناسبة، ويهتفون الله أكبر، وقد سخر الله المجاهدان القساميان إيهاب ورامز أبو اسليم للانتقام من العدو لدم الشهيدين، حيث قتل في العملية أكثر من 15 جنديا ومستوطنا صهيونيا.