يمارس الفلسطينيون في الضفة الغربية والقدس المحتلتين المقاومة المسلحة علاوة على تلك المقاومة المؤثرة باستخدام وسائل مدنية تؤدي إلى مقتل جنود ومستوطنين في دولة الاحتلال، ويبتكرون طرقاً كثيرةً لإيقاع أكبر قدر ممكن من مستوطني الأرض ضمن دائرة الاستهداف، ولا يتوقف العقل الفلسطيني عن ابداع اختراعات تلبي حاجته في الحرية والانعتاق من احتلال مستمر على مدار 7 عقود وما زال يمارس سياسة التطهير العرقي والإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين.
لذلك يتخذ بعض المقاومين من السيارات المدنية كبيرةً كانت أم صغيرة وسيلة ينقض بها على تجمع للمستوطنين أو الجنود فيقتل منهم دهساً ما يشاء، ويصيب آخرين، مسبباً الذعر والهلع والخوف في صفوف جيش الاحتلال دون أن يحتاج لأي إعداد أو عتاد مجرد امتلاكه سيارة خاصة أو مركبة ثقيلة يستطيع أن يحولها إلى آلة يقتل بها جنود الاحتلال ومستوطنيه.
عامل فلسطيني بشاحنته يقتل جندي
لم يرق للعامل الفلسطيني في الشطر المحتل عام 1948 أن يرى جنود الاحتلال ومستوطنيه يعيشون في دياره المحتلة، دون أن يمتلك التعبير عن أن ذلك الوطن هو وطنه، وأن الاحتلال طاريء وسيزول، ثم تحول حديث النفس إلى عمل مقاوم سيذكره تاريخ الثورة الفلسطينية بكل فخر وكبرياء في الضفة الغربية المحتلة المحاصرة أمنيا من قبل دولة الاحتلال والسلطة الفلسطينية.
وفي 31 أغسطس / آب 2023 قاد المواطن داود عبد الرازق درس 41 عاماً من مخيم دير عمار، غرب رام الله حافلته الثقيلة كأي يوم من الأيام غير أنَّ ذاك اليوم كان مليئاً بالرغبة في الانتصار لشعب ما زال يقهره الاحتلال بالبقاء فوق ترابه والسيطرة على مقدساته.
وعند حاجز “مكابيم” العسكري، قرب مستوطنة “مودعين”، المقامة على أراضي بيت سيرا نفذ الشهيد عملية البطولية واعتلت حافلته الثقيلة صدور مجموعة من جيش الاحتلال مما أدى إلى مصرع جندي واحد وإصابة آخرين بجروح وصفت بالخطيرة. وقالت وزارة الصحة الفلسطينية أنها بلغت باستشهاد المهاجم قائد الشاحنة برصاص الاحتلال الإسرائيلي قرب بيت سيرا في محافظة رام الله والبيرة بعد أن طارده الاحتلال الإسرائيلي شاحنته ثم أمطرها بالرصاص الحي.
ذئاب منفردة
من غير المستغرب أن يكون فكر المقاومة موجوداً في نفس أي فلسطيني وطني، فربما تحرك فلسطيني لا ينتمي لأي حزب سياسي وأحدث عملية فدائية بسيارته الخاصة، محدثاً الإصابة والقتل والذعر في صفوف الاحتلال، موصلاً رسالة للاحتلال مفادها أنَّ فلسطين لا تقبل أن يسكنها الاحتلال الإسرائيلي.
في إبريل/ نيسان 2023 انطلق الفلسطيني حاتم أبو نجمة (39 عاما)، أب لخمسة أبناء، من سكان بيت صفافا بالقرب من مدينة القدس المحتلة بسيارته الخاصة منفذا عملية دهس لجنود الاحتلال ومستوطنيه في سوق “محنيه يهودا” بالقدس المحتلة أسفرت عن إصابة خمسة من الاحتلال.
وعلى الفور أطلق جيش الاحتلال النار على المناضل الفلسطيني ثم قام الاسعاف التابع لجيش الاحتلال بنقل جثمانه الشريف واحتجازه في إحدى المستشفيات الإسرائيلية قبل أن تفرج عن جسد الشهيد بعد شهر ونصف من الاحتجاز لتقوم عائلته بواجب التشييع في مقبرة “باب الاسباط”.
لم يكن حاتم منتمياً لحركة سياسية فلسطينية غير أنَّ حبه للوطن ورفضه لوجود الاحتلال وشعوره بالأسى نتيجة لاقتحام الاحتلال للمسجد الأقصى المبارك دون أن يتمكن أحد من منعهم من ذلك دفعه للقيام بعملية بطولية باركها الشعب الفلسطيني وفصائله الوطنية المقاومة وزفته الملائكة شهيداً إلى عليين.
بعد معركة طوفان الأقصى
لا يخفى على أحد أنَّ معركة طوفان الأقصى التي اندلعت منذ السابع من أكتوبر/ تشرين أول عام 2023 شكلت حافزاً لجميع الفلسطينيين أن ينتفضوا بما يملكون من عتاد وسلاح مواجهيين الاحتلال الإسرائيلي بكل ما آتاهم الله من قوة، فقد أصبح التحرير بعد العبور الكبير لكتائب القسام أمرا ممكناً والسعي لتحقيق التحرير لا يحتاج لأكثر من الإرادة وقليل من العتاد.
وفي 29 ديسمبر/ كانون أول عام 2023 أقدم الشاب عمرو عبد الفتاح أبو حسين على دهس مجموعة من مستوطني دولة الاحتلال بالقرب من مستوطنة “عتنائيل” قرب مدينة الخليل مما أدى إلى أصابة مجموعة من المستوطنين هناك، ثم أطلق جيش الاحتلال النار عليه فارتقى شهيداً.
وتستمر عمليات الشعب الفلسطيني باستخدام المركبات لتفاجيء الاحتلال في كل أماكن تواجده، عمليات لا تحتاج إلى تخطيط ولا إلى سلاح لكنها بإرادة المقاومة تصنع معجزة نضالية يخلدها التاريخ الفلسطيني، ويجعل من منفذيها أبطالاً على طريق تحرير القدس.