“بالعلم والبندقية.. نخط درب الحرية”، لم يكن مجرد شعار لطلبة الكتلة الإسلامية في جامعة الخليل، بل نهج ومسيرة حفظوها قولاً وفعلاً.
من كليات الآداب والشريعة والمحاسبة في جامعة الخليل، انطلق أبطال كتائب القسام ليخطوا برصاصهم ودمائهم لوحات عز في المقاومة والجهاد.
ومنذ اندلاع انتفاضة الحجارة كان لأبناء الجامعة دوراً بارزاً في مقاومة الاحتلال، والمشاركة في العمليات التي أدت لمقتل عدد من جنود الاحتلال والمستوطنين.
وحدة الأهوال
كان الشهيد القسامي أمجد أبو خلف (22 عاماً) ابن جامعة الخليل، من أبطال وحدة الأهوال القسامية التي أثخنت في العدو ونفذت عدة عمليات فدائية.
درس القسامي أبو خلف بتخصص اللغة الإنجليزية في جامعة الخليل، وشارك في فعاليات انتفاضة الحجارة عام 1987م.
في أغسطس عام 1993م، أصبح القسامي أبو خلف مطارداً لقوات الاحتلال بعد أن قتل مستوطنا ونجح في الانسحاب.
وخلال مسيرة جهاده، تمكن القسامي أبو خلف من قتل خمسة جنود، وإصابة تسعة آخرين، في عدة عمليات فدائية.
أطلق الاحتلال عليه عدة ألقاب منها “العبقري” و”الذكي” لدقة عملياته وجرأتها، وهو الذي كان يردد مقولته “لئن يعمل الصاروخ في جسدي أهون عليّ من أن يحكمني الرويبضة”.
وفي يوم 13/1/1994، حاصرت قوات كبيرة من الاحتلال منزلا كان يتحصن فيه القسامي أبو خلف برفقة ثلاثة من مجاهدي القسام، وطلبت منهم الاستسلام، لكنهم خاضوا اشتباكا عنيفا لمدة 12 ساعة انتهى باستشهادهم.
بطل من بيت عوا
وكان للشهيد بسام يونس المسالمة، الذي دخل جامعة الخليل عام 1984م والتحق بكلية الشريعة الإسلامية، دور كبير في مجال الأنشطة الطلابية للكتلة الإسلامية ذات الحجم الأكبر في الجامعة والتي كان عمادها طلبة كلية الشريعة.
اهتم المسالمة بمشاكل الكتلة الإسلامية وشبابها، ومشروعها الإسلامي خاصة، والحشد والتنظير للكتلة الإسلامية واستقطاب عناصر جديدة.
اعتقل عام 1993م واتهم بمساعدة ونقل المطاردين فحكم عليه بالسجن ثمانية شهور أمضاها في سجن الخليل المركزي، وبعد الإفراج عنه عاد مرة أخرى لإكمال الدراسة.
في 1/12/1995م وعلى بعد مئات الأمتار من منزله في بلدة بيت عوا بالخليل، اصطدم القسامي المسالمة بكمين لقوات الاحتلال حيث اشتبك معهم، حتى ارتقى شهيداً.
مدرسة الرجال
عام 1997 وفي المرحلة الساخنة الحافلة بالعمليات الاستشهادية، التحق القسامي نبيل خاطر من “بروقين” قرب سلفيت، بالدراسة في كلية الزراعة بجامعة الخليل.
شكلت جامعة الخليل للقسامي خاطر مدرسة للجهاد والمقاومة، فانضم إلى صفوف الكتلة الإسلامية، وتقدم إلى المراكز القيادية، فقرر ترك كلية الزراعة ليلتحق في كلية الشريعة.
التحق بصفوف كتائب القسام، وسرعان ما شرع في تجهيز العبوات الناسفة وزرعها في المستوطنات، واحدة تلو الأخرى، مع أبطال مجموعته القسامية المجاهدة.
في 10/2/2000م، وقبل اندلاع انتفاضة الاقصى المبارك بأشهر معدودة، كان نبيل على موعد مع أولى شرارات تلك الانتفاضة، إذ كانت مجموعته تجهز العبوات وتزرعها في قلب المستوطنات.
وأثناء انطلاقه إلى مستوطنة “آرئيل “، حاملا بيديه عبوة مجهزة للتفجير، لكنها انفجرت في جسده قبل بلوغ الهدف، لترتقي روحه شهيداً متأثراً بجراحه.
شهيد العيد رقيق اللحن
كان لكلية الشريعة الإسلامية بجامعة الخليل، شرف انتماء الشهيد القسامي يعقوب فتحي ادكديك.
وعرف القسامي ادكيدك بأنه منشد إسلامي عذب الصوت رقيق اللحن، وقد أحبه كل من عرفه، وساهم في إلقاء الدروس والمواعظ في مساجد خليل الرحمن.
استشهد القسامي ادكيدك ليلة يوم العيد في 17/12/2001 برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي التي حاصرت منزله، بعد عام واحد من واجه وإنجاب زوجته طفلة أسماها إيمان نسبة للشهيدة إيمان حجو.
نور البصيرة
ومن كلية الشريعة أيضاً في جامعة الخليل تخرج القائد القسامي أكرم صدقي الأطرش الذي درس البكالوريوس وكان يحضر للماجستير حين استشهاده.
القائد الحافظ للقرآن انتمى إلى حركة حماس منذ انطلاقتها في العام 1987 وأصبح عضوا في الكتلة الاسلامية في جامعة الخليل ومن ثم أصبح أميراً لها، وبعد تخرجه من جامعة الخليل انتمى إلى كتائب القسام، وأصبح مسؤول الكتائب في منطقة جنوب الضفة الغربية رغم ضعف بصره.
حاولت قوات الاحتلال اغتيال القسامي الأطرش عدة مرات، إلا أنها كانت تفاجأ بأنه غير موجود.
وجهت إليه الاحتلال تهمة المشاركة والمسؤولية عن إعداد استشهاديين في منطقة الجنوب، والعمل على إنشاء خلايا عسكرية تابعة لكتائب القسام، كما كان يأوي مطاردين من كتائب القسام لعدة سنوات.
استشهد القائد القسامي الأطرش “أبو القسام”(29 عامًا) في 10/4/2002، بعد استهدافه بقذيفة مدفعية أدت إلى احتراق جسده وارتقائه شهيداً.
مسك من الخليل
من كلية المجتمع في الأردن، انتقل المجاهد القسامي، إلى كلية الشريعة في جامعة الخليل وحصل على شهادة البكالوريوس.
كان الشهيد القسامي رائد عبد الحميد مسك، عابداً زاهداً حافظاً لكتاب الله، عمل مدرساً في مدرسة رابطة الجامعيين، تزوج وله من الأبناء مؤمن وسما ويحيى.
اعتقل لدى الاحتلال في عام 1989 وكان عمره 15 عاما ومكث في السجن مدة عام وتوفيت والدته وهو في السجن حيث تألم لموتها، وكلما استحضر سيرتها كان يبكي.
في 19 /8/2003، تخفى “رائد” بزي مستوطنين يهود، وصعد إلى الحافلة رقم 12 في القدس المحتلة والتي كانت قد خرجت من ساحة البراق، محملة بعشرات المستوطنين.
تمكن الشهيد “مسك” من تفجير عبوته شديدة الانفجار، وتزن 5 كغم، وأدت عمليته البطولية لمقتل 20 مستوطنا وإصابة 150 آخرين.
سليل الشهداء
على نهج عمه القائد القسامي عبد القواسمة، سار المجاهد باسل محمد شفيق القواسمة، فانتمى لصفوف القسام ودرس اللغة الإنجليزية في جامعة الخليل.
إلى جانب تميزه في الجامعة، حافظ باسل على خطه الجهادي حتى اللحظات الأخيرة، وعندما أصبح مطاردا تفاجأت عائلته.
وكان الشهيد باسل ذو علاقة متينة بالشهيدين القساميين أحمد عثمان بدر، وعز الدين مسك، يوم استشهادهما فجر الاحتلال منز الشيخ شفيق القواسمي والد الشهيد باسل للضغط عليه لتسليم نفسه.
صبيحة يوم الاثنين 22/9/2003 كان الشهيد باسل على موعد مع الشهادة حيث حاصرت قوات الارهاب منزلاً في حي البصه جنوب الخليل تواجد فيها القسامي باسل الذي رفض الاستسلام.
قصفت قوات الاحتلال المنزل بقذائف الدبابات ثم قاموا بتسويته بالأرض، ليعلن بعد ذلك عن استشهاد القسامي باسل القواسمة.
آسر المستوطنين
ومن كلية الشريعة في جامعة الخليل تخرج أيضاً الشهيد القسامي مروان القواسمي، فكان من نشطاء الكتلة الإسلامية وشارك بفاعلية في المسيرات الجماهيرية والأنشطة المختلفة.
حقق أمنيته بالانضمام إلى صفوف كتائب القسام، في سن مبكرة من عمره، فتدرب بين بيارات الضفة الغربية على السلاح بمختلف أشكاله لليوم الموعود.
كان تاريخ 12 يونيو/حزيران 2014 الأكثر شهرة بين أبناء الضفة الغربية خاصة، عندما أسرت مجموعة من كتائب القسام تضم مروان القواسمي وعامر أبو عيشة ثلاثة مستوطنين في الخليل.
بعد 18 يومًا من البحث المتواصل عثر الاحتلال على جثث المستوطنين الثلاثة، في مغارة قرب بلدة حلحول شمالي الخليل.
وبتاريخ 23-9-2014م، وعند الساعة الثالثة فجرًا، حاصرت قوات الاحتلال منزلًا، قرب مسجد الرباط في حي الجامعة بمدينة الخليل، تحصن فيه الشهيدان عامر أبو عيشة ومروان القواسمي.
وبعد ساعات من الاشتباكات، قصفت قوات الاحتلال المبنى بالقنابل الحارقة والفراغية، وأعلنت عن تمكنها من اغتيال المطاردين عامر أبو عيشة، ومروان القواسمي، في عملية شارك فيها أكثر من 100 جندي إسرائيلي، مدعومين بطائرات استطلاع.
المعلم المشتبك
في 29 تشرين الأول 2022 بدد ابن جامعة الخليل وخريج كلية الشريعة الشهيد محمد كامل الجعبري، حالة الصمت ووهم الأمن للمستوطنين بعملية إطلاق نار على مدخل مستوطنة “كريات أربع”.
نفذ الجعبري عملية إطلاق نار أسفرت عن مقتل مستوطن وإصابة اثنين من أشد المستوطنين تطرفا في مدينة الخليل، قبل ارتقائه شهيداً.
بعد العملية عرف محمد كامل الجعبري ب”المعلم المقاوم” أو “المعلم والمربي المشتبك”، والذي عايش عن قرب معاناة سكان الخليل نتيجة اعتداءات المستوطنين وهجومهم المتكرر على منازلهم، كان هو منفذ العملية.
وأظهرت مقاطع فيديو للجعبري لحظة تنفيذه للعملية مرتديا “العباءة”، ويطلق النار على عدد من المستوطنين بينهم المستوطن “عوفر أوحنا” الذي نفذ عدة عمليات إعدام للفلسطينيين وحرض على قتلهم.