قصة عائلة (صب لبن) هي قصة القدس كلها. عائلة صبّ لبن واحدة من عشرات العائلات المقدسية التي تقطن القدس من عام ١٩٥٣م. حكومات الاحتلال تريد القدس خالية من السكان العرب، هي تريدها خالصة لليهود، لذا هي تشجع الاستيطان اليهودي في القدس على وجه الخصوص. حكومة الاحتلال خططت للقدس الكبرى بغرض منع عودة شرقي القدس للفلسطينيين، وبغرض تقليل الوجود الفلسطيني فيها لأدنى حدّ ممكن.
لاحظ أن السلطة استنكرت طرد عائلة صب لبن من بيتها الذي تقيم فيه منذ عام ١٩٥٣م، ولكنها لم تفعل للعائلة شيئًا، ولم تأخذ موقفًا سياسيًّا من حكومة الاحتلال. ما أقصد قوله إن حكومات الاحتلال تعمل على تفريغ القدس من سكانها، وهو تفريغ وتهويد ترفضه السلطة، وترفضه الفصائل، وترفضه القدس وبقية الشعب، أي أن هناك إجماعًا داخليًّا على حماية القدس من التهويد، ولكن لم يترجم هذا الإجماع إلى أعمال وسياسات قابلة للتنفيذ، لماذا؟!
الشجب الفلسطيني لا يكفي، وشجب جامعة الدول العربية لا يقدم ولا يؤخر، فكما أنه ليس هناك خطة فلسطينية لمواجهة التهويد والطرد، كذلك يمكن القول إنه لا توجد أيضًا خطة عربية أيضا، والاتحاد الأوربي شجب طرد عائلة صب لبن من بيتها، ولكنه لم يقدم عملًا يترجم هذا الشجب، ويؤثر على قرارات حكومات (إسرائيل).
إخلاء القدس من سكانها العرب مسلمين ومسيحيين له خطط متكاملة عند حكومات دولة الاحتلال، وهذه الخطط قيد التنفيذ التدريجي، فالعرب كانوا يمثلون أكثر من ٣٥٪ من سكان القدس، الآن انخفض هذا الرقم لـ٢٢٪، وفي مخطط حكومة الاحتلال يجب أن يُخفض إلى ١٢٪ خلال بضع سنوات، مع التشديد على الضم، وعلى عدم التفاوض على القدس، وإجراءات دولة الاحتلال عديدة ومتنوعة، والسلطة والفصائل تعلمها وتعرفها كما يعرفها الكتاب، ولكن معرفتهم لا قيمة لها ما لم تترجم هذه المعرفة لخطة عمل مضاد، وشجب العرب والغرب لإجراءات حكومة الاحتلال لا قيمة له ما لم يترجم لعمل مضاد أيضًا.
المؤسف أن عائلة صب لبن تغادر منزلها مرغمة بقرار قضائي إسرائيلي، وهي لن تكون العائلة الأخيرة التي تواجه هذا المصير، وسيتكرر موقف الشجب، فماذا نفعل يا شعبنا في مثل هذه الحالة المرعبة؟!