شكّل الكشف عن خبر اعتقال السلطات الأمنية الماليزية شبكة تجسس محلية تابعة لجهاز الموساد، اختطفت ناشطًا فلسطينيًّا، مناسبة للحديث عن استمرار مسلسل إخفاقاته التي بدأت منذ سنوات طويلة، ولمّا تنتهي بعد، سواء ما قيل ابتداءً بشأن التنفيذ الفاشل لعملية الاختطاف، مرورًا بحالة الإهمال لدى عناصر الخلية الخاطفة، وصولًا إلى الكشف عن شخصياتهم.
بعيدًا عن تفاصيل العملية الفاشلة، ودون الخوض في حيثياتها الميدانية، لكن من الواضح أن العناصر الأمنية العاملة لصالح الموساد في ماليزيا لم يتصرفوا بشكل احترافي، فهم لم يخفوا وجوههم، ولم يخفوا لوحة ترخيص المركبة، وتركوا شاهدًا رئيسًا يهرب، ويتصل بالسلطات المحلية، لكن من الأهمية بمكان تسليط الضوء على أسباب استمرار وقوع الموساد في إخفاقات ميدانية بين حين وآخر، رغم ما يحققه في المقابل من “نجاحات” يصعب إنكارها في عدد من ساحات المنطقة، القريبة والبعيدة.
نحن لسنا أمام أول إخفاق لجهاز الموساد، رغم ما يمتلكه من هالة كبيرة؛ بسبب نجاحه في تنفيذ العديد من الاغتيالات والعمليات الخارجية، لكنه كجهاز تجسس سري يعمل في “الظلمة” بعيدا عن الأضواء، أصابه الكثير من مظاهر الفساد والترهل والتضخم، كما اعترف العديد من كبار مسؤوليه السابقين بفشل العديد من محاولات الاغتيال الأخيرة، وقدرة أجهزة الأمن في الدول الأخرى على كشف تفاصيلها، بما فيها أسماء وهويات عناصر وضباط الموساد الضالعين فيها، مما شكل فضيحة كبرى في حينه.
ارتبط اسم الموساد بسلسلة طويلة من الإخفاقات والعمليات الفاشلة، التي هزّت صورته، وتسببت مراراً بحرج بالغ للاحتلال، وأحياناً ألحقت ضرراً بعلاقاتها على المستوى الدولي، وفي هذه الحالة يتحدث عدد من المسؤولين الأمنيين والعسكريين الإسرائيليين، أن هناك ثلاث مشاكل تنشأ لدى الموساد، الذي اكتسب هالة من التضخيم والمبالغة عن أدائه في مختلف المجالات، وعلى عديد الأصعدة الميدانية والعملياتية.
في النهاية أدى ذلك إلى تحقيق فشل استخباراتي ناجم عن تدفق المادة الخام غير الدقيقة إلى ضباط الجهاز، وتوزيع المادة الاستخبارية على محافل البحث والتحليل، وبعثرة معلوماتها على باقي الأقسام والوحدات، وعدم الخروج بتقدير جيد، فضلا عن حالة الترهل الإداري والتنظيمي التي تلعب دوراً مهماً في عملية الإخفاق، وقد شكلت العديد من الأحداث والعمليات التي يصعب حصرها في هذه السطور نموذجاً صارخاً على فداحة الأخطاء الاستخبارية، والثغرات الأمنية التي وقعت فيها مختلف الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بمختلف مسمياتها، وعلى رأسها الموساد، وبالتالي لن يكون فشله في كوالالمبور آخر هذه الإخفاقات!