تعرف أمهات الشهداء أكثر من غيرهن أهمية التضامن والدعم في لحظة الفراق الصعبة، حيث شكلت مبادرة زيارات وفود من أمهات الشهداء السابقين لذوي أي شهيد جديد، مبادرة وطنية فلسطينية تقدم أروع صور اللحمة الاجتماعية والوحدة الوطنية في مواجهة آلة القتل الصهيونية.
ونجحت المبادرة الإنسانية التي نشطت في جنين ونابلس ورام الله وغيرها من المدن، في جمع عدد من أمهات الشهداء والناشطات السياسيات لزيارة ذوي الشهداء والجرحى، والتضامن الإنساني والاجتماعي معهم.
كما تشارك مبادرة أمهات الشهداء، مع تجمع ذوي الشهداء المحتجزة جثامينهم، في عدة فعاليات مطالبه بالإفراج عن الجثامين، ليتم دفن الشهداء وفق ما يليق بهم دينيا ووطنيا.
*ترابط اجتماعي*
أم عاصف البرغوثي إحدى الوجوه الوطنية البارزة، في مبادرة أمهات الشهداء، وهي زوجة القائد الوطني أبو عاصف البرغوثي الذي قضى 30 عاما في الأسر، كما قدمت نجلها صالح شهيدا، وعاصم أسيرا، وهدم الاحتلال منزلهم في قرية كوبر غرب رام الله.
وقد حولت أم عاصف هذه الآلام لقوة هائلة من الصبر والتحدي تشع في قلوب أمهات الشهداء وذويهم الذين تشارك أم عاصف في زيارتهم؛ فتحتضن أمهات الشهداء بعضهن، وينثرن القوة والعزيمة في روح شعبنا المجاهد.
من جهتها، قالت الناشطة السياسية وفاء جرار زوجة الأسير القائد عبد الجبار جرار إن الرابط تعكس الوحدة الوطنية والترابط بين كل أمهات الشهداء، وتحمل رسالة إنسانية وطنية سامية، ومعنوية صادقة، بمؤازرة أم شهيد لأم شهيد مكلومة.
ولفتت إلى أن الجهود لا تقف عن زيارة لأم شهيد مرة واحدة، بل بالتواصل المستمر معها، إضافة لأنشطة اجتماعية أخرى تستهدف ذوي الشهداء والأسرى والجرحى، وأصحاب البيوت المهدمة.
من جهتها، أكدت الناشطة السياسية فادية البرغوثي أن زيارة ذوي الشهداء واجب وطني على الكل الفلسطيني لمساندتهم وشد أزهم، وإيصال رسالة للاحتلال بأن قتل الفلسطينيين لن يثني الشعب عن نهج المقاومة.
وأوضحت البرغوثي أن أهالي الشهداء لديهم دافع وطني وديني، ويؤمنون أن الجهاد فريضة، كما أن أمهات الشهداء لديهن من العزيمة والقوة والصمود ما يشد أزرهن بزيارة أمثال أم عاصف وأم إبراهيم النابلسي.
ونبهت إلى أن الشعب الفلسطيني يتأثر بصور الصمود والثبات لأمهات الشهداء، وتشكل دافعاً للشباب نحو مزيد من المقاومة والتضحية.
*قلب وثاب*
وقد شكلت الابتسامة العريضة لأم الشهيد إبراهيم النابلسي، بجوار جثمانه، احدى أبرز صور الثبات، وقد انطلقت تخاطب الجميع بصوت وقلب وثاب، متحدثة عن التضحية والشهادة وتحض الجموع على الدفاع عن الأقصى والقدس.
وقالت النابلسي إن استشهاد إبراهيم، سيولد 100 مجاهد غيره، موصية المجاهدين بالحفاظ على البندقية وأمانة الشهداء.
كما شكلت ظاهرة مشاركة الأمهات في تشييع أبنائهن رسالة تحمل روح الصمود والرباط ورفع الهمم لشعبنا الفلسطيني، اضافة لرسالة تحدي للعدو الصهيوني.
*مشاعر أمومة*
وترى الكاتبة لمى خاطر أن أمهات الشهداء يبعثن برسالة صمود وسموّ قوية، لأنهن أيقن أن الشهيد حي عند الله، وأن المجاهد حين يقضي شهيداً يستحق فخر الأم واعتزازها وليس إظهار التفجع والحسرة.
وتؤكد خاطر أن ذلك لا يتناقض مع مشاعر الأمومة الفطرية لكنه يسلط الضوء على نوعية راقية وفريدة من النساء تفقه معاني الجهاد ومتطلباته، فعلاً لا قولا.
وأضافت:” لا تجد الأم ضيراً في أن تشيع ابنها بنفسها وهي موقنة بعظمة الشهادة وبركاتها، وبجزيل الثواب الذي ينتظر من يصبر ويحتسب ويتقبّل رحيل فلذة كبده في سبيل الله”.