لم يترك الاحتلال للفلسطينيين خياراً غير مواجهته ومقاومته بما يمتلك صاحب الحق الأصيل من قوة مادية ومعنوية، وتشكل ظاهرة المقاومة في الضفة الغربية حالةً من الانتشار إلى كل المدن والقرى والمخيمات، فإذا أسست كتيبةٌ للمقاومة في مكان ما، تداعت سائر القرى والمدن إلى تكرار ذات التجربة النضالية، والأداء الثوري للشعب الفلسطيني الذي يتوق منذ 7 عقود للحرية والانعتاق من أبغض احتلال شهدته البشرية منذ نشأتها القديمة.
بالقرب من أقدم مدينة على وجه هذه الأرض تأسس مخيم عين السلطان إلى الغرب من مدينة أريحا الفلسطينية المحاذية للحدود الأردنية، على مساحة بلغت 708 دنماً، سكن اللاجئون الفلسطينيون القادمون من منطقة الديوك هذا المخيم عقب احتلال الأرض الفلسطينية عام 1948، وبعد عدوان حزيران عام 1967م، نزح معظم سكان المخيم إلى الضفة الشرقية، مما جعل العديد من المنازل غير مأهولة للسكن الأمر الذي شجع الاحتلال على هدمها سعياً منه لاحلال المستوطنين مكان اللاجئين من مواطني فلسطين التاريخية.
استيطان ومواجهات
يضع الاحتلال الإسرائيلي المنطقة المقام عليها مخيم عين السلطان بالقرب من مدينة أريحا في دائرة الاستهداف الاستيطاني، وتمارس العديد من عمليات الهجوم الممنهجة من قبل جماعات المستوطنين التي تدعو إلى تهجير سكان هذا المخيم وإقامة كنيس يهودي مكانه.
وفي 21 يوليو/ تموز من عام 2023 اقتحمت مجموعة من المستوطنين بحماية من قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي مخيم عين السلطان لأداء طقوس تلمودية تعود لأساطير مكتوبة في كتابهم المحرف، مما أدى لاندلاع مواجهات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال، وأضرم الشبان النار في الإطارات المطاطية وألقوا الحجارة على جيبات الاحتلال، وفي المقابل واجه الاحتلال المتصدون لاقتحامه بالأعيرة النارية والقنابل الغازية دون أن يصاب أحد من المتظاهرين.
ويتعرض مخيم عين السلطان لاقتحامات متكررة من قبل قوات الاحتلال لم يكن آخرها في الثالث من ديسمبر/ كانون أول الجاري، واقتحمت آليات ومدرعات عسكرية إسرائيلية المخيم واعتقلت المواطن كايد أبو شهاب وذلك بعد محاصرة منزله من كافة الجهات ومطالبته بتسليم نفسه، وكذلك اعتقال الشاب أيوب الهندي الذي عاثت قوات الاحتلال ببيته تخريباً وتدميرا، واعتدت على زوجته بالضرب.
كتيبة عين السلطان
وعلى الرغم من الاقتحامات المتكررة لمخيم عين السلطان واعتقال مناضلين فيه، أعلنت المقاومة الفلسطينية في العاشر من فبراير/ شباط 2023 عن تشكيل كتيبة مخيم عين السلطان رداً على عدوان الاحتلال ومحاولة لتحفيز وسائل المقاومة المتنوعة في الضفة الغربية ورداً على اغتيال مجموعة كتيبة مخيم عقبة جبر.
وعاهدت هذه الكتيبة منذ انطلاقتها الأولى دماء الشهداء أن تستمر على ذات الشوكة، وأن تبقى مقاومة للاحتلال حتى يتحقق التحرير أو يفارق المناضلون الأرض إلى السماء شهداء، لا يضرهم من خذلهم أو تخلى عن نهجهم او حتى من اعتدى عليهم من أبناء شعبهم.
وترفض السلطة الفلسطينية قيام هذه التشكيلات الوطنية المناضلة وتعتبرها عاملةً في سياق مختلف عن مشروع منظمة التحرير الفلسطينية القائم على أساس مبدأ حل الدولتين والتعاون مع الاحتلال عبر التنسيق الأمني المزعوم، وتمارس السلطة سياسة جمع المعلومات عن المناضلين الفلسطيني واعتقالهم واستجوابهم في مقراتها الأمنية.
وباشرت كتيبة عين السلطان باكورة أعمالها النضالية بالإرباك الليلي للاحتلال، عن طريق تكثيف الهجمات النارية على دورات الاحتلال المارة عبر الشوارع الالتفافية القريبة من المستوطنات علاوة على التصدي لهجمات الاحتلال المتكررة على المخيم من قبل دوريات المحتل.
وتشهد منطقة أريحا ومخيماتها نهضةً في التشكيلات العسكرية الرامية إلى تعزيز المقاومة الفلسطينية وإرفادها بالمقاومين منذ بداية عام 2023 مروراً بمعركة طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول عام 2023 بعد غياب طويل ربما لعبت السلطة الفلسطينية دورا في تغييب جذوة النضال لا سيما وأن أريحا منطقة حدودية مع الأردن ويخشى الاحتلال من عمليات تهريب السلاح من الشرق فوجود حاضنة للمقاومة في أريحا يمنح عمليات تهريب السلاح لصالح المقاومة الفلسطينية فرصة أكبر بكميات أعظم.