منذ احتلال الأرض الفلسطينية عام 1948 والاحتلال يمارس سياسية الأرض المحروفة وتدمير البنيان والقضاء على كل ما من شأنه أن يصنع جيلاً قادراً على التحرير، مواصلاً تضحيات آبائه وأجداده الممتدة عبر العقود وتعد المدارس الفلسطينية هي المحضن الأول الذي يتعلم فيه الطالب حب الوطن والانتظام اليومي على تلقي مواد ثورية ونضالية عبر مواد أعدها خبراء فلسطينيون تتناول مواضيع الأرض والتحرير.
طلاب شهداء
لا يخفى على أحد أنَّ المدارس الفلسطينية قدمت العديد من الشهداء والجرحى والأسرى إضافة إلى الهدم في البيان على مدار احتلال الأرض الفلسطينية ووثق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في بيان أصدره في العام 2023 ارتفاع حصيلة الشهداء بين طلاب المدارس التي بلغت حوالي 3141 شهيدا وشهيدة ارتقوا في قطاع غزة والضفة الغربية، وأنَّ 130 من المعلمين والإداريين استشهدوا في القطاع في الفترة الواقعة ما بين7 أكتوبر/تشرين أول وحتى 11نوفمبر/ تشرين ثاني من عام 2023.
إحصائيات تشير إلى عدد كبير من الشهداء الأطفال خلال فترة وجيزة ومن هؤلاء الشهداء في الضفة الغربية الشهدين قيس تيم شلش 17 عاماً، وخليل محمد خليل 15 عاماً اللذين استشهدا بالرصاص الحي إثر استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي لهما عند مدخل قرية شقبا غرب رام الله. وفي محافظة بيت لحم، استشهد الطفل أحمد منير صدوق (14 عاما) من مخيم الدهيشة متأثرا بإصابته الخطيرة برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي.
قائمة الشهداء الأطفال لا تتوقف عند رقم بعينه ففي كل يوم يرتقي العديد من الشهداء، وترينا الشاشة الصغيرة حجم الاعتداءات الكبيرة على الطفولة الفلسطينية الذين ما زالوا في المرحلة المدرسية.
مدرسة خلة عميرة
شهدت الأعوام الأخيرة حملات أشبه ما تكون بالمنظمة من قبل مستوطني دولة الاحتلال وجنوده على المدارس الفلسطينية ففي 15 يناير/ كانون الثاني من عام 2024 هاجمت مجموعات من المستوطنين، ترتدي زي جيش الاحتلال مدرسة خلة عميرة جنوب الخليل، محطمين نوافذها مخربين فصولها المدرسية بالتهشيم وتمزيق الوسائل التعليمية المعلقة على الجدان، وتكسير المقاعد، واقتحام غرفة الإدارة المدرسية والمعلمين.
وأخطر الاحتلال قبل عدة أيام من الاقتحام إدرة المدرسة بقرار محكمة الاحتلال بهدمها بحجّة البناء دون ترخيص في منطقة لا يسمح فيها بالبناء وما زالت هذه المدرسة قيد الإنشاء ومن المقرر أن تخدم قرابة 60 طالباً يشار إلى أنَّ عدد سكان القرية يبلغ 500 نسمة، ومعظم طلّابها ضمن الصفوف الابتدائية الدنيا، ويقتحم الاحتلال المدرسة بشكل دوري.
مدرسة عوريف
وفي عام 2022 هاجم مستوطنون مدرسة عوريف الثانوية للبنين، جنوب نابلس، بحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي وقذفوا المعلمين والطلبة بالحجارة وحاصروا المعلمين لمدة نصف ساعة، كما أطلق جنود الاحتلال قنابل الغاز المسيل للدموع باتجاه المدرسة، مما أدى لإصابة عدد من المعلمين بالاختناق.
وأخلت إدارة المدرسة الطلبة المتواجدين داخل الحرم المدرسي من مخرج الطوارئ ومع بدء الهجوم عمد المستوطنون إلى تحطيم عددا من ألواح الطاقة الشمسية وعلى اثر الهجوم اندلعت مواجهات بين الأهالي ومجموعة المستوطنين الذين أطلقوا العيارات النارية والغاز المسيل للدموع تجاه المواطنين.
مدرسة راس التين
في العام المنصرم 2023 هاجمت مجموعة من المستوطنين ، مدرسة راس التين، شرق قرية المغير بمدينة رام الله المحتلة، واعتدى المستوطنون على بنيان المدرسة، وأتلفوا محتوياتها بالحرق والتكسير والتخريب، وعاثوا في الغرف الفصلية والإدارية فساداً.
وتعد مدرسة راس التين، أحدى مدارس التحدي التي أقامتها هيئة مقاومة الجدار والاستيطان ووزارة التربية والتعليم، وعلى الرغم من تهديد إدارة هذه المدرسة بالهدم عدة مرات بيد أن هيئتها الإدارية والتعليمية المكونة من 11 شخصاً يُصرون على استكمال مسيرتهم التعليمية رغم افتقار مدرستهم لمقومات بقائها.
وتسكن عشرات العائلات الفلسطينية في تجمع رأس التين الواقع على السفوح الشرقية لجبال رام الله المطلة على غور الأردن.ويتعرضون لاعتداءات المستوطنين بشكل مستمر، ولعمليات هدم تجريها السلطات الإسرائيلية بدعوى البناء دون ترخيص.
كثيرةٌ هي المدارس الفلسطينية التي تتعرض لانتهاكات الاحتلال ومستوطنيه، بيد أنَّ المعلم الفلسطيني يحمل روحه على كفه ويتنقل من حاجز إلى آخر حتى يؤدي رسالته التعليمية وفي مقدمتها بناء روح المقاومة في الطلبة المقبلين على حياة الباحثين عن الحرية.