لا بد بداية من التعريج على ما آلت إليه الأمور في السجون الصهيونية، وتعرية سياسة السجّان الهمجية والمتوحّشة بشكل غير مسبوق، وأضرب أمثلة على ذلك:
– على صعيد صلفهم تجاه المضربين عن الطعام، ولا سيما ما حصل مع خليل عواودة، إضافة إلى ملف الاعتقال الإداري، وإضرابهم الطويل عن المحاكم.
– ما يجري مع الأسيرات وما يتعرضن له من قمع وتنكيل.
– الأسرى المرضى والإهمال الطبي الممنهج.
– الأسرى القدامى ونقض العهود فيمن أعيد اعتقالهم من أسرى صفقة وفاء الأحرار، وكذلك أسرى الدفعة الرابعة للأسرى ما قبل أوسلو، وحالة العنت التي وقعوا تحت طائلة نارها.
– الأسرى الأطفال وما يتعرّضون له من تنكيل ووحشية (أحمد مناصرة مثال صارخ لمستوى الجريمة التي تمارس على أطفالنا المعتقلين).
* السياق الذي أتت به هذه الهجمة وتنكّر السجان لتفاهمات آذار التي توصل لها الأسرى مع إدارة السجون، القاضية بوقف إجراءات القمع التي اتخذت بعد عملية نفق جلبوع.
طبعا هناك أمور أخرى كثيرة يحتويها هذا الملف، منها: المعزولون، والبوسطة، والمحاكم، وزيارة الأهالي، والتنقلات التعسفية بين السجون، وهذه نقطة جوهرية، إذ يستهدفون بها المحكومين بالمؤبدات وينقضّون بها على أي حالة استقرار يحظى بها المعتقل في سجنه.
ولعلّ السؤال الأبرز والأهم: ما المطلوب من الجبهة الخارجية ولا أقول المساندة لأن المعركة ينبغي أن تكون معركة واحدة يشترك بها كل الأحرار الرافضين للاحتلال، سواء كانوا داخل السجن أو خارجه.
كيف نحدّد ونلتزم واجباتنا تجاه أسرانا؟ هل المشاركة في فعاليات التضامن واجبة أو هي عمل ترفيهي أو ترف حركي نرغب أو لا نرغب بالقيام به؟ لماذا نُفرّق بين واجب وواجب؟ مثلا صلاة الجماعة في المسجد يوم الجمعة واجب، والمشاركة مع فعاليات الأسرى واجب ولكن لا يأتي من المصلين 1% على أحسن التقديرات فقط ومن الممكن أيضا الإمام الذي خطب عن الأسرى ألا يشارك في حراك الشارع الواقف مع الأسرى، كيف سيشارك الناس وهم لا يرون إمامهم يسبقهم إلى هذه المشاركة؟
وهنا ننتقل إلى تحديد مفهوم واجب الوقت لابن القيم الذي بمقتضاه أن الوقت الذي تكون فيه مسيرة أو اعتصام فإن من واجب هذا الوقت المشاركة تماما كما وقت إقامة الصلاة يكون واجب الوقت المشاركة في الصلاة.
وهنا لا بد من توضيح أهمية هذا الأمر، إذ إنه الرئة التي يتنفس منها الأسرى في معركتهم، وهي ركن أساسي من أركان قواعد الاشتباك مع السجان داخل السجن ومع جيش المحتل خارجه.
إذًا فأنت تشارك في معركة الأسرى، وعليه تتحول من متضامن إلى شريك تدخل معه المعركة لنصل إلى الحالة التي تكون فيها معركتنا مع المحتل معركة واحدة.
ولنعلم جدوى المشاركة خاصة بإدراكنا للمعادلة: إن تدحرج المواجهة يزيد من المخاطر على المحتل ما يدفعه للاستجابة لمطالب أسرانا داخل السجون.
من الضرورة بمكان بلورة هذه المعادلة في ثقافة المجتمع لنصل في النهاية إلى أن التفاعل مع فعاليات الأسرى واجب ديني ووطني وأخلاقي وإنساني وهو تفاعل له أجر كبير عند الله لأن من كان مع أخيه كان الله معه، وله كذلك الأثر الكبير في نصرة إخواننا القابعين خلف القضبان والقابضين على جمر الحرية هناك في غياهب السجون.