رغم أن نتنياهو نجح –ولو مؤقتًا– في تدوير الزوايا مع الصهيونية الدينية والأحزاب الحريدية المتطرفة، فإنه لم يزل يواجه مأزق فريقه ومطالبهم. فكبار مسؤولي الليكود باتوا يوجهون ضغوطًا كبيرة على زعيمهم بعدم الذهاب بعيدًا في تنازلاته.
وتشير صحيفة “هآرتس” إلى توصل رئيس حزب “عوتسما يهوديت” إيتمار بن غفير، إلى تفاهم مع “الليكود” بشأن توسيع صلاحيات وزير الأمن الداخلي، ليُحدد هو السياسة الشُرَطية، فالاتفاقات بين الطرفين، والتي تنطوي على تغيير القانون، ستمنح وزير الأمن الداخلي سلطة على الشرطة.
وعلمت الصحيفة من مصادر عدة أن موضوع صلاحيات الوزير تجاه المفوض والشرطة، أثير في إطار المباحثات بين طواقم مفاوضات “عوتسما يهوديت” والليكود.
ويبدو أن متغيرات هذا القانون لن ترد في الاتفاقيات التي سيتم توقيعها نَصًّا بحسب المصادر التي أَجْرت المفاوضات، ولكنه وبدلًا من ذلك، سيجري تناول مسألة “منح الصلاحيات لوزير الأمن الداخلي”، وكان نتنياهو قد طمأن بن غفير أنه سيؤيد تغيير القانون حين طَرحِهِ في الكنيست.
ولكن السؤال الكبير هو، كيف ستكون العلاقة بين المفوض العام للشرطة مع بن غفير وهو الذي اتَّهَمهُ بأنه السبب في اندلاع معركة “سيف القدس” وقد فرض عليه المستوى السياسي بِسَحْب هذا الاتهام عُنْوَةً!
صراعات ستنشأ بالتأكيد، خاصة أن القانون الحالي لا يَنُصُ على أن المؤسسة الشُرطية تابعة للوزير، بل ويَمْنَحها استقلالية كاملة لها ولرئيسها، رغم التعريف الذي يشير إلى أن الشرطة تحت مسؤولية وزير الأمن الداخلي.
كذلك فإن وزير الأمن الداخلي يوصي بتحديد اسم المفوض وهو الذي يوافق على تعيينات الضباط من رتبة نائب رئيس فما فوق، إلى جانب قرارات فصل ضباط الشرطة.
ولكن القَيمين على شؤون المنظومة الشُرطية، يرون أن التعديل المقترح للقانون، سيؤثر كثيرًا في استقلالية المؤسسة وفي صلاحيات المفوض، ويسمح للسياسي بتحديد كيفية عمل الشرطة، وهي لن تكون المرة الأولى للخلط بين السياسي والشرطي، فقد جرت في النهر مياه كثيرة من التوترات الحادة بين الوزراء والرُّتَب، على خلفية رغبتهم في التدخل في مهام وسياسات الشرطة، في الوقت الذي سعت فيه المراتب الشُرَطية لَتجنُّب نفوذ السياسيين.
ومن المتوقع أن يؤدي ذلك إلى تبعية الشُرطة بالكامل لرئيس “عوتسما يهوديت” الفاشي وانعكاس ذلك على سلوك الشرطة الدموي في الميدان حين يكون الحبل على الغارب، وزمن يُصبحُ فيه بن غفير متحكمًا في توزيع الموازنات وطبيعة المهام وأنشطة المؤسسة.
ووفقًا للتقارير فقد عقد نتنياهو عدة اجتماعات مع سموتريتش، بمشاركة رئيس حزب “شاس” أرييه درعي، جرت خلالها لحلحة لبعض الاختلافات حول توزيع الحقائب الوزارية.
أرييه درعي سيتنازل -كما كان يُطالب– عن حقيبة المالية لصالح سموتريتش، على أن يتولى حقيبة الداخلية ولكن بصلاحيات موَسَّعَة، إضافة إلى حقيبتي الأديان و”النقب والجليل”، على أن يتم تعديل قانون الأساس الخاص بالحكومة، بما يسمح لدرعي بتولي “القائم بأعمال رئيس الحكومة”، علمًا بأن القانون الحالي يَنُص على أنه يجب أن يكون من حزب المكلف برئاسة الوزراء.
ومن الجهة المقابلة، وتبعًا لورقة التفاهمات الراهنة، فإن سموتريتش سيتولى حقيبة المالية، إضافة إلى منصب رفيع في وزارة الأمن، وكانت القناة 12 العبرية قد ذكرت أن “الصهيونية الدينية” ستتولى ملف الاستيطان في وزارة الأمن، أما القناة “كان 11” قالت إنه سيوكل للحزب المذكور منصب برتبة وزير.
وحتى يُرضي نتنياهو قادة حزبِهِ وكي يُسيطر هو أيضًا على مواقع مفتاحية، فقد كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عَبْرَ موقعها “YNET” نقلًا عن مصادر في وزارة المالية، أن نتنياهو يُخطط لسلب الوزارة أكبر مركز قوة فيها وهو قسم الميزانيات وسلطة الشركات الحكومية، ودمجها في مكتب رئيس الحكومة، وهذا تتحدد مسؤولياته على السياسة الاقتصادية للحكومة، وذلك يحتوي على إعداد الموازنة العامة للدولة، ورسم السياسة الاقتصادية الكلية وتقديمها لاعتماد الحكومة، أما سلطة الشركات الحكومية فَتَتَحدَّد في مسؤوليتها جزئيًّا أو كليًّا عن جميع الشركات الـــ70 المملوكة للحكومة التي تُدِرُّ مئات المليارات من الشواقل وأرباحها التي يتم تحويلها إلى خزائن الدولة!
ولتسوية الخلافات بين “الليكود” و”عوتسما يهوديت” التي توقفت على إثرها المفاوضات حول حقيبة “النقب والجليل”، فقد أشارت التقارير إلى أن نتنياهو سَيُعوض الفاشي المُدان في قضايا كثيرة إيتمار بن غفير، بتعيين أحد أعضاء الكنيست عن حزبه وزيرًا للزراعة، إضافة إلى حقيبة الأمن الداخلي التي ستذهب لبن غفير.
أما واحدٌ من التحديات الرئيسة التي يواجهها نتنياهو الآن هي مع “جماعته”، ويحاول التوصل إلى تفاهمات تشير بعض المؤشرات أنه سيعرض على يسرائيل كاتس حقيبة ليست مركزية، وقد تكون “وزارة الهجرة واستيعاب القادمين الجُدد” بعد أن انتقلت وزارة الزراعة إلى حزب “عوتسما يهوديت”.
فهل يستمر هذا التقسيم حتى النهاية؟ وهل سينجح نتنياهو في تقديم الحكومة خلال الساعات أو الأيام القادمة؟ ولكن المتغيرات الممكنة المتوقعة تتعلق في الجوهر بالخلافات التي قد تتبلور داخل حزبه “الليكود”، وذلك بشأن المناصب الرفيعة التي لم تزل شاغرة، والحزب الذي حصل على 32 مقعدًا في الكنيست، تتوقع فيه الوجوه الشابة الجديدة أن تحظى بنصيب الأسد منها، على حين تسعى قيادات الحزب التقليدية لِتَوَلي ذات الحقائب التي تقلدتها في حكومة نتنياهو الأخيرة.
هجوم أنصار بن غفير وسموتريتش ونتنياهو على قلب الخليل منذ 48 ساعة خلت يقول بالفم الملآن أن لا لابيد ولاغانتس أو كوخافي كانوا قادرين –كما عَلَّق الإعلام العبري– على كبح هذه الطاقة المتوثبة الخَطِرَة التي اندلعت كالطوفان لأبناء الخليل، فكيف سيكون عليه الحال حين يكون القتلة والفاسدون واللصوص هم الذين يتربعون في سدة السلطة؟
حكومة يمينية دينية متطرفة وفاشية سَتُشرع 65 بؤرة استيطانية كانت “غير شرعية” بعد 60 يومًا من إعلان تشكيلها، وسن قوانين جديدة لممارسة الإرهاب رسميًّا، وسيعود المستوطنون شمال الضفة في المستوطنات الأربع التي أخليت عام 2005 ضمن ما سموه زورًا “خطة فك الارتباط”.
الضفة تشتعل، ووحدات عرين الأسود، وثوار بلاطة، ونابلس تصد غائلة السفاحين جنودًا ومستوطنين حين اعتدوا على قبر يوسف شرق نابلس، وقد صَدّهم وأثخن فيهم الفرسان قتلًا وجرحًا، وقدس الأقداس تُدميهم فتُعِدمُ مُستوطنًا وتصيب ثلاثةً من سوائبهم بجراح ميؤوس شفاؤهم منها، إلى جانب 15 آخرين من الجرحى، ولم نزل في البدايات، وكل الشعب الفلسطيني الصامد المرابط يستعد اليوم لِغدٍ سيعلم فيه الفاشيون أي مُنقلبٍ سينقلبون.