في الوقت الذي تواجه فيه العلاقات الإسرائيلية الأمريكية توترًا متزايدًا لا تخطئه العين، فقد جاء الدور على علاقات شبيهة مع القارة الأوروبية التي وصل إليها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مع أولى محطاتها في إيطاليا.
حيث التقى بنظيرته جورجيا مالوني، وبعد أيام قليلة سيلتقي بالمستشار الألماني أولاف شولتز، إذ سيثير عدة قضايا مهمة أمامهما، وفي غرف مغلقة، وبانتظار ما سيقال علنًا، أو يتم تسريبه.
يبدو لافتًا أن نتنياهو قرر مغادرة فلسطين المحتلة في حين تشهد موجة الاحتجاجات ضد انقلابه القانوني تصاعدًا على قدم وساق، وصلت إلى حد إغلاق ميناء حيفا ومطار بن غوريون في خطوة غير مسبوقة، ما أثار عليه انتقادات حادة، حول كيفية تركه للدولة تحترق في حين اختار أن يقضي لياليه مع سارة في جناح فندقي وسط روما تصل تكلفته في الليلة الواحدة إلى ثلاثة آلاف يورو.
من المتوقع أن تكون مباحثات نتنياهو في روما وبرلين صعبة، دون أن يتفوه مالوني وشولتز بانتقادات علنية ضد دولة الاحتلال، فآخر شيء تريده الأولى مهاجمة الاحتلال، أو نتنياهو شخصيًّا، بعد أن أكدت في حملتها الانتخابية الأخيرة على علاقاتها الجيدة مع الليكود، في حين يحرص الأخير على دعم الاحتلال في كل قضية تقريبًا بسبب العبء التاريخي للمحرقة النازية.
بالمناسبة، فإن مالوني ذات الجذور الفاشية تقوم تدريجيًّا بإجراء تغييرات داخلية، وتنفذ العديد من الخطط الاقتصادية، وكما هو الحال مع اليمين الفاشي الإسرائيلي، فهي تنتقد النظام القضائي والقضاة في بلادها، بزعم أنهم “يساريون”، وتحاول الحد من ظاهرة المهاجرين “غير الشرعيين”، ما يوجد العديد من أوجه الشبه في خطابها مع حكومة نتنياهو، مع نصيحة قد تسديها له مفادها أن “العجلة من الشيطان”.
نتنياهو سيحاول التوضيح لمضيفيه الأوروبيين أنه لا خوف على النظام السياسي بعد التغييرات القانونية، وسيزعم أنه يريد إعادة التوازن لنظام خرج عن نطاق السيطرة، عبر لغته الإنجليزية المتقنة، لكنه في الوقت ذاته لم يأتِ إلى روما وبرلين للحديث عن التغييرات القانونية، لأن جدول أعماله السياسي مزدحم جدًّا.
أولاً وقبل كل شيء يحمل نتنياهو الملف الإيراني وقرب دخوله النادي النووي، بجانب الموضوع الفلسطيني، وتعبير الأوروبيين عن قلقهم من التدهور المتسارع للأوضاع الأمنية في الأراضي المحتلة، وإرهاب المستوطنين في بلدة حوارة، وتصعيد البناء الاستيطاني، والتخوف من تغيير الوضع الراهن في القدس المحتلة.
كل هذا سيحدث في الغرف المغلقة، وكما هو الحال دائمًا سنكون أمام مؤتمرات صحفية بابتسامات صفراء، لكن الأهم، ما الذي ينتظرنا من تسريبات تكشف ما حصل خلف الكواليس، مع التقدير المتزايد بأن الاحتلال أمام توتر إضافي في علاقاته الأوروبية بعد توتر مماثل مع حليفته الأولى في واشنطن.