نابلس-
توافق اليوم الذكرى السنوية الواحدة وعشرين لاستشهاد المجاهد القسامي محمد عزيز حاج علي من نابلس، والذي ارتقى بعد اشتباكٍ مسلح مع قوات الاحتلال الإسرائيلي بتاريخ 13 نيسان/ أبريل لعام 2002.
ولد الشهيد القسامي حاج علي في بلدة جماعين بمحافظة نابلس، بتاريخ 7/8/1975م، وتزوج الشهيد المجاهد عام 1998 بزوجة صالحة ورزق منها بطفلتين (منال وآية).
ومنذ نعومة أظافره كان بطلاً، وطلب من جندي صهيوني سلاحه أثناء عبوره إلى الضفة الغربية، وعندما سأله الجندي: لماذا يريد قتله؟ كانت إجابته: “لأنه غاصب محتل”، وكان عمره حينئذٍ 5 سنوات، كما أنه خرج من بيته أثناء سكنه في الأردن إلى وطنه وأرضه الحبيبة عام 1993م، إلى ربوع فلسطين وجبالها، وكان في ربيعه الـ 18 ليبدأ المشوار.
كانت انطلاقته الأولى من سجن نابلس المركزي الذي دخله عند أول زيارة لجبل النار ثائراً على جنودٍ صهاينة، فلم يحتمل قلبه المجاهد أن يتغافل عن وجود محتلٍ على أرضه وما كان بيده إلا الحجر وبقايا زجاجاتٍ فارغة، اعتقل على إثرها لمدة 47 يوماً، وتعرف هناك على أحد كوادر حركة المقاومة الاسلامية حماس، تعلم الرماية فاستحق بذلك لقب قناص الكتائب وتعلم صنع العبوات الناسفة ومهارات إلقاء القنابل اليدوية.
مجموعة سرية
بعد طول انتظار حانت الفرصة عند اندلاع انتفاضة الاقصى المباركة، فشكّل مجموعة سرية تتكون من خيرة الشباب وأفضلهم، وعقدوا العزم على الثأر لدين الله والأرض المقدسة، فكانت أول تجاربهم بالزجاجات الحارقة، ثم تطور النضال لسلاحٍ أتوماتيكي اشتراه على نفقته الخاصة.
خرج محمد عزيز وعبد الله الزيتاوي وإحسان الصفدي لتنفيذ عملية إطلاق نار، وتم اختيار الهدف وهو: سيارة تقل مغتصبين صهاينة على الطريق السريع بالقرب من الكسارات القريبة من بلدة جماعين، توجه عزيز والزيتاوي ومعهما قطعة سلاح من نوع عوزي لمنطقة التنفيذ، بينما بقي الصفدي بمكان مرتفع وكاشف بحيث يعطيهم إشارة قدوم السيارة عبر الهاتف النقال.
كانت المهام موزعة كالآتي: الزيتاوي سيقوم بقيادة السيارة ويقوم بتعبئة الذخير في مخزن السلاح عند اللزوم بينما يقوم عزيز بإطلاق النار، وبالفعل تم إطفاء أنوار السيارة مع إبقاء المحرك قيد التشغيل والأبواب مفتحة، ومن ثم تمركز الاثنان بالقرب من الطريق ينتظران إشارة الصفدي بقدوم إحدى سيارات المغتصبين.
عمليات بطولية
في تمام الساعة 10:45 تم استلام إشارة بقدوم سيارتين لكن عزيز قرر عدم التنفيذ حيث يريد قدوم سيارة منفردة فقط، وفي تمام الساعة 11:20 تم استلام إشارة ثانية بقدوم سيارتين أيضاً حيث لم يكن الصهاينة ليتحركوا إلا بشكل جماعي خوفاً من عمليات إطلاق النار التي كانت تحدث باستمرار، لكن عزيز والزيتاوي قررا في هذه المرة أن يباشرا بالتنفيذ.
وبالفعل قام عزيز بإطلاق النار باتجاه السيارة وإذ بجيب حرس حدود يرافق السيارة، إلا أنه هرب مسرعاً دون أن يفعل أي شيء لحماية السيارة المدنية التي يرافقها، وتوقف على بعد 150 متر وأعطى إشارة ضوئية في السماء فقط.
انسحب المجاهدون مباشرة من المكان متجهين إلى بلدتهم جماعين بسلام، بدأ الاحتلال بعدها بعمليات تمشيط وتفتيش عن المنفذين إلا أنه باء بالفشل، وقد أسفرت هذه العملية عن مقتل الضابط الصهيوني المتقاعد “زوهر شورجي”.
وبعد هذه العملية تم اعتقال رفاق دربه ليصبح مطاردا، وتوالت العملية تلو العملية ليوقع في صفوف الصهاينة عدداً من القتلى والجرحى، ويصبح رعباً للصهاينة على الطريق المسمى عابر السامرة وطريق واد كانا، فيغدو فتى الجبال يقاتل طالبا إحدى الحسنيين، نصرا أو شهادةً.
بعد اعتقال مجموعته بالكامل، انضم المجاهد محمد عزيز لمجموعة تل وأصبح أحد أفرادها، وبات يخطط ويجهز مع أصحابه في مجموعة تل لمواصلة المقاومة ضد الكيان الصهيوني بكل الوسائل المتاحة لديهم، وبينما كانوا يعدون لعملية عمونائيل الثانية حدثت بعض التغيرات الأمنية التي أدت لتأجيلها، فقرر محمد عزيز وعمر عصيدة تنفيذ عملية إطلاق نار سريعة على الطريق الرئيس لمغتصبة أرئيل.
موعد الشهادة
توجها معاً مساء السبت 9/3/2002م لمكان التنفيذ وأخذا معهما قطعتي سلاح من نوع “M16” وكمنا في المكان المناسب ينتظران قدوم الهدف، وبعد صلاة العشاء جاءت سيارة صهيونية وما أن اقتربت منهما بادرا بإطلاق النار عليها ما أدى لمقتل مغتصب صهيوني وإصابة اثنين آخرين، ومن ثم انسحبا من المكان على الفور قبل قدوم الجيبات العسكرية للمكان.
كما شارك شهيدنا مع عاصم ريحان وجهز معه عبوات عمنوئيل ويجهز استشهاديين، شارك مع مجموعة تل بإطلاق أول صاروخ قسام 2 من شمال الضفة باتجاه مغتصبة كدوميم في محافظة قلقيلية وذلك في شهر مارس 2002م.
كما شارك رفيق السلاح والجبال عاصم حسن ريحان، بطل عملية عمنوئيل، وقاما بتنفيذها سوية وتكتب له الحياة، ويستشهد الريحاني، وتأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، ليأتي ذلك العميل، محطماً أحلام الصقور، باحثا عنه في كل مكانٍ ليجده، وليبلغ عنه الأعداء، مقابل ثمنٍ بخس، وتأتي ساعاته الأخيرة، ليحاصروا مكان وجوده، ما كان منه إلا أن يتحصن في مكانٍ منيع مع رشاشه القديم وذخيرته القليلة.
حاصرته قوت الاحتلال معززة بطائرات مروحية، وقامت بإنزال المظليين، لينقض شهيدنا القسامي محمد عليهم كالليث، وبلا هوادة، وخاض اشتباكاً معهم، وأوقعهم بين قتيلٍ وجريح، ومن ثم انسحب من المكان لتستهدفه الطائرات الصهيونية بصواريها ما أدى إلى إصابته.
وارتقى شهيداً متأثراً بإصابته، وأفرغ جنود الاحتلال حقدهم من أسلحتهم في الجسد المسجى، ورحل بشموخ المنتصر.