لم يحدث في تاريخ السجون الإسرائيلية الطويل جدًا أن شارك وزير إسرائيلي في اقتحام سجن، أو أشرف مباشرةً على اقتحام سجن، والتحريض المباشر بالاعتداء على السجناء، وتشريدهم عن مخادعهم وغرفهم في منتصف الليل أو منتصف النهار، لقد حافظ الوزراء الصهاينة عبر تاريخهم على مسافة بين إعطاء الأمر، وتنفيذ التعليمات، وظل الوزراء نقطة مراقبة سياسية لردة فعل الأسرى الفلسطينيين، ولردة فعل الشعب الفلسطيني، وأعطوا توجيهاتهم وفق المتغيرات الميدانية في غزة والضفة الغربية.
في زمن وزير الأمن القومي “بن غفير”، صار اقتحام السجون، لا يتم بإشراف وإدارة مصلحة السجون، وبتوجيه من الوزارة صاحبة الشأن، بل صار الاعتداء على الأسرى نهجاً محبباً للوزير، يشارك فيه بنفسه، متخلياً عن مكانته السياسية، متقرباً من فطرته وطبيعته العدوانية، وهذا يعكس مرحلة قادمة من الاعتداء على الأسرى غير مسبوقة، وهذا يعكس مرحلة من المواجهات، سيكون الأسرى في قلبها وروحها.
مشاركة الوزير “بن غفير” في الاعتداء على الأسرى يشير إلى عدة أمور:
أولاً: يريد المتطرفون اليهود وعلى رأسهم “بن غفير”، كسر إرادة الأسرى الفلسطينيين، والحط من مكانتهم، وتدنيس كرامتهم، ليصير السجن مقابر للأحياء.
ثانياً: يريد “بن غفير” وأمثاله أن يرسل رسائله إلى الشباب الفلسطيني، أن السجون لم تعد مدارس ثورية، ولم تعد فنادق خمس نجوم، يقضي فيها الأسير فترة محكوميته، يتثقف، ويتعلم، وهو مطمئن على مصيره ومستقبله.
ثالثاً: يريد المتطرف “بن غفير” أن يوصل رسالته إلى المجتمع اليهودي المتطرف، بأنه عند وعده، حين هدد بتحويل حياة الأسرى من الهدوء إلى الشقاء، ومن الاستقرار إلى الحياة في قلق وانتظار.
رابعاً: يسعى “بن غفير” إلى تحقيق الحلم اليهودي في تهويد كامل الأرض الفلسطينية، وذلك عبر خلق بؤر توتر في كل أنحاء الضفة الغربية، ظناً منه أن أقصر الطرق لمواصلة الاشتباك في الضفة الغربية، هي طريق الأسرى، قلب الشعب الفلسطيني النابض.
الحساب بين الأسرى الفلسطينيين والمتطرفين الصهاينة لم يغلق بعد، ولن يغلق، ومعركة الأسرى الفلسطينيين في بداياتها، وقد تكون هي المفجر لثورة الغضب الفلسطينية غير المسبوقة، وقد تكون معركة الأسرى هي المحرض لمزيد من التمرد على حالة الهدوء التي يتمناها بعض الصهاينة، وأزعم أن للأسرى الفلسطينيين القدرة الفكرية والسياسية لقراءة الواقع، واتخاذ الخطوات المناسبة رداً على العدوان الإسرائيلي، وسيكون الشعب الفلسطيني بقضه وقضيضه خلف الأسرى، وسنداً لهم، ولن يخذل شعبنا الفلسطيني أبطاله الذين لم يخذلوه، ولن يترك شعبنا أسراه فريسة بين أيدي الإرهابيين، والقادم أعظم.