تزامن في هذا العام يوم القدس العالمي مع يوم الأسير، وسط تحول في المنطقة لصالح محور المقاومة عبر عنه قادة المحور، الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، ورئيس حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار، والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، خطابات تصنع الأمل بأن المرحلة القادمة – في حال ترجمت تلك الخطابات عمليًّا – هي مرحلة وحدة ساحات وتعدد الجبهات ما يشكل استنزافًا للعدو، وتعيد إنتاج الأمل لآلاف الأسرى بأن قطار الحرية بدأ بالدوران.
نعود إلى يوم الأسير، ففي يوم السابع عشر من نيسان من كل عام يحتفل الفلسطينيون بيوم الأسير الفلسطيني، وهذا ليس صدفة، ففي مثل هذا اليوم من عام 1974م، أفرج عن أول أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية، وهو الأسير المناضل محمود بكر حجازي. وقد أصدرت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية تقريرًا مفصلًا حول واقع الحركة الأسيرة في السجون الصهيونية في كانون الأول/2022م أهم ما جاء فيه:
يبلغ عدد الأسرى في سجون الاحتلال حتّى نهاية عام 2022، (4700) أسير/ة، بينهم (29) أسيرة، و(150) طفلاً/ة، وقرابة (850) معتقلًا إداريًّا، بينهم (7) أطفال، وأسيرتان، و(15) صحفيًّا/ة، وبلغ عدد الأسرى المرضى، أكثر من (600) أسير.
يقضي (534) معتقلًا أحكامًا بالسجن المؤبد (مدى الحياة) لمرة واحدة أو لمرات عدة، واستشهد في السجون الصهيونية (214) معتقلًا، سواء كان ذلك بالقتل المباشر، أو من خلال التعذيب أو من خلال الإهمال الطبي، حسب تقرير لهيئة شؤون الأسرى عام 2018م.
يوجد في السجون الصهيونية أكثر من (1800) حالة مرضية منها من يصارع الموت.
عملت (إسرائيل) على تقويض النظام السياسي الفلسطيني بعد فوز حركة المقاومة الإسلامية حماس في الانتخابات التشريعية، من خلال اعتقال ممنهج للنواب والوزراء، حيث اعتقلت قوات الاحتلال في سجونها (7) نواب في المجلس التشريعي، بينهم امرأة وهي خالدة جرار، وأقدمهم الأسير مروان البرغوثي والمعتقل منذ عام 2002، والمحكوم بالسجن خمسة مؤبدات، إضافة إلى الأسير أحمد سعدات والمعتقل منذ عام 2006، والمحكوم بالسجن ثلاثين عامًا، ويشار إلى أن سلطات الاحتلال اعتقلت منذ عام 2002 أكثر من نصف نواب المجلس التشريعي،
ومن أجل الأسرى عملت الحكومة برئاسة إسماعيل هنية آنذاك بالإيفاء بوعودها الانتخابية بالإفراج عن الأسرى، فزاوجت بين العمل السياسي والعمل المقاوم، حيث كلفتها هذه المزاوجة الكثير، فانطلقت فصائل المقاومة بعملية جهادية أسرت من خلالها الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، وقامت بمبادلته على أكثر من ألف أسير، ولم تكتفِ بذلك إذ قامت خلال حرب العصف المأكول بأسر مجموعة من الجنود الصهاينة في محاولة من المقاومة الفلسطينية تبييض السجون الصهيونية.
لقد أصبحت قضية أسرانا مجرد أرقام تتناولها التقارير الصحفية والفضائيات، ولكن لا بد هنا أن نعيد بلورة خطابنا الإعلامي في قضية الأسرى والشهداء، حتى لا يصبحون مجرد أرقام، فخلف كل شهيد أو أسير قصة إنسان كافح وناضل من أجل الحرية، هذا الشهيد أو ذاك الأسير يترك خلفه زوجة وأولادًا وبنات، قد تكون زوجته أنجبتهم بعد اعتقاله، واليوم أصبح أبناء الأسرى شبابًا، وهناك عشرات القصص لفتيات تزوجن ووالدهم في الأسر، فأين الضمير العالمي؟ وأين هي حقوق الإنسان؟ فعندما اختطف جلعاد شاليط وهدار جولدن وشاؤول أرون وغيرهم، انقلبت الدنيا رأسًا على عقب، وأصبح أشهر أسير في العالم جلعاد شاليط، لماذا؟ إنها ازدواجية المعايير التي يتعامل بها الغرب الظالم مع قضيتنا الفلسطينية، في يوم الأسير لا نفقد الأمل، فمهما طال الزمان أو قصر، لا بد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر.