توافق اليوم، الذكرى 22 لاستشهاد القائد إبراهيم عبد الكريم بني عودة من قرية طمون، “خبير العبوات الخادعة”، في عملية اغتيال بوضع عبوة ناسفة في سيارته جهة الرأس فانفجرت فيه.
الشهيد إبراهيم عبد الكريم بني عودة الطموني من قرية طمون ولد في عام 1965 في دولة الكويت، ونشأ وترعرع هناك مصليا في مسجد ابن هجاج في مدينة خيطان وقد ولد لأبوين محافظين نشأ في كنفهما على الطاعة والإيمان وحب الدين والصلاة في المسجد.
ظل إبراهيم في الكويت حتى أتم الدراسة الابتدائية والمتوسطة وجزءا من المرحلة الثانوية ثم انتقل مع أهله في العام 1983الى الأردن ليأخذ شهادة الدراسة الثانوية بتفوق من مدارسها، وحصل على معدل عال يأهله لدخول أي كلية يرغبها، إلا أنه اختار دراسة الشريعة الإسلامية في كلية الشريعة بالجامعة الأردنية.
تتلمذ شهيدنا خلال قترة دراسته على أيدي علماء أفاضل من أمثال الشيخ المجاهد الشهيد عبد الله عزام والدكتور فضل عباس والدكتور أحمد نوفل وغيرهم، وقد تخرج من الجامعة الأردنية بامتياز عام1987.
فترة الإعداد
التحق ابراهيم بالخدمة العسكرية رغم استطاعته تأجيلها، إلا أن حب الإعداد الذي أراده الشهيد والتدريب العسكري على مختلف الأسلحة وميادين القتال، كان أكبر دافعا له من تأجيل الخدمة التى أمضى فيها عامين كاملين صقلت منه النواة الأولية للمجاهد.
بعد إنهائه الخدمة العسكرية، لبى شهيدنا النداء الذي وجهه له إخوانه المجاهدين في أفغانستان حيث انتقل هناك ليزيد من المهارة العسكرية وليلتقي بمعلمه الأول الدكتور عبد الله عزام هناك، وليواجهه بما حصل عليه من تدريب عسكري قوة عظمى كجزء من التدريب العملي الذي يؤهل تفكيره المستقبلي لواجبه المنتظر، وكان له صولات وجولات في المعارك هناك فتح الله على يديه بها انتصارات لإخوانه الأفغان.
الأرض المباركة
ويأتي الدور الأول والواجب الذي كان يفكر فيه الشهيد منذ القدم فمعركته الأولى هناك في أرض المقدسات الإسلامية أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين أرض فلسطين حيث جال الفكر مليا عن الطريقة التي من خلالها يصل إلي فلسطين إلى أن يسر الله له الزواج بقريبة له هناك عملت على تقديم معاملة لم الشمل له.
وعلى غير العادة وبتوفيق من الله سبحانه صدر له التصريح خلال ستة أشهر انتقل بعدها إلى الأرض المباركة ليبدأ مشواره الجهادي الذي حلم به منذ الصغر والذي أعد له العدة الكاملة متوكلا على الله وحده وتاركا خلفه الأهل والإخوان والأعمال التجارية التي يعمل بها أهله.
بدء الاعتقال
شاء قدر الله سبحانه أن يقع بيد اليهود أحد الخلايا التي تعامل معها الشهيد ليعطي أحد الاخوة أوصاف الشهيد لهم بعد التعذيب الشديد الذي تعرض له، حيث شاهد الأخ الشهيد إبراهيم قدرا من خلال العمل معه دون قصد.
وكان يتعامل مع إخوانه في العمل من خلال النقاط الميتة، فلا أحد يرى الآخر إطلاقا وهذا ما ساعد في تأريق اليهود أيضا في معرفة الشخص الذي يكون الخلايا ويمدهم بكل ما يحتاجونه من أموال ومواد وخطط ويدعى رائد وهو الاسم الذي تكنى به الشهيد نعم فلقد كان رائدا في كل المجالات التي عمل بها حتى استحق هذا الاسم عن جدارة.
تمكنت أجهزة السلطة من اعتقال إبراهيم في شهر 8 من عام 1998 بعد البحث المتواصل عن شخصيته ومطابقة الأوصاف من مكتبه في مدينة نابلس ليوضع الشهيد بعدها تحت التعذيب الشديد من أجهزة السلطة الفلسطينية والتي تركت آثارا على جسم الشهيد رأتها أمه عندما زارته في السجن بعد قرابة السنتين كشاهد أمام الله سبحانه لما تعرض له هذا الشهيد من ضرب وتعذيب استمر نحو الخمسة أشهر باء الجلادون بعدها بالفشل في أخذ ولو اعتراف واحد من الشهيد ليسطر أسطورة في التحمل والمسؤولية والفداء.
بداية جديدة
انتقل شهيدنا للعيش في نابلس جبل النار ليتسنى له أن يكون قريبا من خطوط المواجهة مع الاحتلال، وليؤكد من خلال العمل الذي اختاره لنفسه الساتر الذي يتخفى من خلاله عن شخصيته، حيث عمل الشهيد في حقل أدوات السمع والبصر والأدوات الطبية نافيا عن نفسه أي تفكير ولو من أقرب الناس عن علاقته بحماس أو طريق المقاومة.
بعد اعتقال السلطة لإبراهيم، أخذت أجهزة السلطة تعتقل كل من يزوره في السجن وتعذبه مما ساعد على انقطاع الناس عن الشهيد، وفي هذا الظرف ظهر شخص يدعى علان وهو قريب للشهيد من الجد الخامس، والذي كان يزور الشهيد في سجنه باستمرار ويعرض عليه تقديم الخدمات بشكل مستمر، مما أشعر الشهيد بأن لهذا الشخص حكاية في العمالة، كيف لا وقد كان الشهيد مسؤولا عن الجهاز الأمني في الكتائب لفترة ليست بالبسيطة وكان يضرب لإخوانه الأمثال في التحركات خارج السجن.
كان الشهيد يعقد لإخوانه الدورات الأمنية المختلفة في فن التنقل والتنكر وكشف التعقب حتى لا يقعوا في يد اليهود أو العملاء، جاعلاً من السجن مدرسة للجميع تعينهم على أمور الدنيا والآخرة، فمن دروس فقهية الى ألعاب رياضية الى حفظ للقرآن الى تسلية وترفيه وغيرها من الأمور وليس فترة تمر من العمر من دون فائدة أو عمل، كما نظم الشهيد أيضا بعض الخلايا وفي السجن فلا مكان للكسل أو القعود حتى في السجن.
استغل الشهيد علان في كل الأمور موهما إياه بعدم شكه فيه واعطائه كل الأمان كقريب ومساعد له، وانه لا يوجد غيره من الناس يساعده وهذا ما كان يبحث عنه هذا العميل الذي لم يأل جهدا في التعرف ولو على معلومة واحدة من الشهيد دون جدوى.
لا مجال للراحة
وتمر الأيام وتبدأ انتفاضة الأقصى المبارك لتعطي لشهيدنا دفعة جديدة في الجهاد حيث خرج من السجن احترازيا لعدم القاء اليهود متفجرات على السجن الذي كان يعتقل فيه أناس من خيرة المجاهدين وبعد الخروج بيوم تقريبا ليجهز مباشرة عملية تفخيخ سيارة في مدينة الخضيرة المحتلة قبل 4 أيام من استشهاده ليقتل بها وحسب الرواية اليهودية الكاذبة اثنان ويجرح 55 ويحرق ما لا يقل عن 16 محلا تجاريا حيث قال شهود عيان بأنه قتل فيها مالا يقل عن 22 شخص وجرح أكثر من 100 ودمر قريب من 35 محلا تجاريا لشدة الانفجار والمواد الموضوعة فيه .
وتظهر بصمات الشهيد على العملية ليقرر اليهود بعدها ضرورة التخلص من الشهيد ناشرين صوره على أجهزة التلفزة والإعلان عن ضرورة إلقاء القبض عليه حيا أو ميتا كواحد من أخطر خمسة مطلوبين في الضفة وإذا كانت النفوس عظاما تعبت من مرادها الأجسام فها هو الشهيد يعد لعملية ثانية بعد يومين فقط من الأولى مع اخوته في كتائب العز والفخار ليتم التخطيط والتجهيز وبدء التنفيذ.
في يوم 23/11/2000 حيث كان الشهيد يبحث عن سيارة لنقل المواد إلي إخوانه المعنيين لينطلقوا باسم الله إلى هدفهم فيأتي علان هذا العميل والذي اتخذ اليهود منه ومن أمثاله حذاء يلبسونه يدوسون به شوك المجاهدين الأبطال إن استطاعوا حتى إذا ما انهوا مهمتهم خلعوه وقذفوا به ليدخل إلى مزبلة التاريخ من أوسع أبوابها وليظل عارا عليه وعلى أمثاله.
ويأتي علان عارضا سيارته للشهيد كأمانة يضعها عنده لأنه سيتوجه الى رام الله لمدة 3 أيام وأنه لم يجد أحدا غير الشهيد يعطيها له فيأتي قدر الله سبحانه ويسيطر على فكر الشهيد الهم الأكبر وهو تأمين المواد للمجاهدين ناسيا الأمنيات في هذا الموضوع.
وركب الشهيد السيارة وانطلق العميل بالاتصال بسادته اليهود أنه فيها وقد أخذوا السيارة من العميل قبلها بيومين وفخخوا مسند الرأس بعبوة شديدة الانفجار موجهة الى الرأس تنفجر لاسلكيا من طائرة كانت تحلق في سماء نابلس ليقع الأسد الهصور شهيداً.
أسرة الشهيد
أبا حذيفة استشهد وعمره 34 عاما وله من الأولاد ستة ولدين هما حذيفة وعبد الله وعمرهما 10 و9 سنوات وأربع بنات هن هناء وسناء وميساء ورجاء وعمرهن 6 و4 و2 وسنة واحدة انتقل الأولاد إلى جدهم وجدتهم ليشربوا من المعين الذي تربى فيه والدهم وليكملوا الطريق من بعده، ويحملوا الراية من بعد أبيهم على الطريق الذي رباهم به على حب الله ورسوله ودينه وحب الجهاد وأهله