توافق اليوم الذكرى السنوية الرابعة وعشرين لاستشهاد القائد القسامي الميداني زهران إبراهيم زهران، والذي اغتالته قوات الاحتلال الإسرائيلي في 29 أيلول/ سبتمبر لعام 1998، عن طريق حقيبة سوداء ملغمة، تم تفجيرها عن بُعد.
ونما زهران في بيتٍ شديد الارتباط بفلسطين والأقصى، وهو شقيق الشهيد القائد القسامي الميداني أحمد زهران، والذي استشهد في 26/09/2021، بعد اشتباكٍ مسلح مع قوات الاحتلال في جبل القدس، برفقة القساميين زكريا بدوان ومحمود حميدان.
شقيقه الشهيد
وخلال معركة سيف القدس 2021م اقتحمت أجهزة السلطة منزل القسامي أحمد وكان داخل المنزل عند دخول السلطة للبيت لاعتقاله ولم يتمكنوا منه وتم طردهم بالقوة، وكان الاقتحام ومحاولة اعتقال أحمد بسبب تكبيراته فور انطلاق الصواريخ من غزة تدك المدن المحتلة والهتاف لغزة، وبسبب مواجهته لآليات الاحتلال عند اقتحام المنطقة.
وبدأت رحلة مطاردة أحمد عندما حاول العدو قبل أسبوعين من استشهاده اغتياله، بإطلاق النار المباشر عليه في المنزل، لكنه تمكن من الانسحاب وبدأت رحلة المطاردة وتم احتجاز زوجته وأشقائه وأبنائهم للضغط عليه، لتسليم نفسه لكنه رفض.
وارتقى بعدها في اشتباكٍ مسلح مع قوة صهيونية خاصة في جبال القدس فجر الأحد الموافق 26/09/2021، لتفيض روحه برفقة إخوانه المجاهدين بدوان وحميدان، بعد مسيرة دؤوبة من الجهاد تكللت بالشهادة في سبيل الله.
الحافظ للقرآن
اتجه زهران إلى كتاب الله تعالى متدبراً آياته وحافظاً لسوره، ويرى بنور الله أن القدس تناديه ليثأر من غاصبيها، وأتم حفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب، وانتقل لدراسة العلوم الإسلامية حتى حصل على شهادة البكالوريوس في الشريعة الإسلامية.
تزوج شهيدنا القسامي وأنجب خمسة أبناء، لكنّ هذه المسؤولية الكبيرة والتبعات الاجتماعية والعائلية لم تحرف بوصلته القرآنية، التي ارتسمت ملامحها في صدره شيئاً فشيئاً.
التحق زهران بحركة المقاومة الإسلامية حماس فور انطلاقتها في بداية الانتفاضة الأولى، وسرعان ما لحق بصفوف المجاهدين عام 1988، أي قبل انطلاق كتائب الشهيد عز الدين القسام بهذا الاسم المبارك.
وتعرض زهران للاعتقال من قبل سلطات الاحتلال في بداية مشواره الجهادي، وقضى عامين داخل سجون الاحتلال حتى تم الإفراج عنه عام 1990، لكن السجن لم يكن النهاية بل البداية، فقد تعرف على شباب حماس ورجالاتها في المعتقل.
علاقات طيبة
استطاع زهران أن ينسج علاقات طيبة مع عدد كبير من إخوانه، وتعرف على تجربتهم الزاخرة وكان يخطط معهم لما هو آت، فخرج من سجنه بعزيمة أقوى وإصرار كبير على مواصلة الدرب، وخرج مثابراً داعياً إلى الله ومنظما للشباب في صفوف الحركة الإسلامية، ومعداً لمرحلة جديدة من الجهاد والمقاومة.
وأعاد الاحتلال اعتقال زهران عام 1991 إدارياً لمدة ستة أشهر في سجن “بيتونيا”، وتعرف في سجنه على أسماء لامعة في الجهاد، والتقى بالشهيد القائد محيي الدين الشريف، والشهيدين عماد وعادل عوض الله، والشهيد عبد المنعم أبو حميد، ومضى جميعهم إلى العلياء على طرق الجهاد ودرب الأحرار، إلى جانب التعرف على الشيخين حسن يوسف وجمال الطويل.
التزم شهيدنا القسامي الصمت والإخلاص خلال عمله الجهاد، وبدأت حياته تتغير وتزداد مشقة ومكابدة وتحديداً عام 1992، وذلك بعد أن حصل العدو في غرف التعذيب بسجونه على معلومات واعترافات تحت القهر والتعذيب تفيد بأن زهران قام بتنفيذ عملية إطلاق نار على جيب عسكري كان يسير على طريق القدس- رام الله.
رحلة المطاردة
بدأت رحلة المطاردة والملاحقة للقسامي زهران منذ ذلك التاريخ حتى الاستشهاد المشرّف، ولم تثنِ هذه الملاحقة شهيدنا عن خدمة إخوانه المجاهدين المطاردين، وقد كان له شرف إيواء القائد الكبير المهندس يحيى عياش والاستشهادي القسامي رائد زكارنة منفذ عملية العفولة بتاريخ 06/04/1994.
اختارت قيادة القسام أن يكون شهيدنا زهران مع وحدة الشهيد “راغب عابدين”، التي أقدمت على العملية البطولية التاريخية، عملية أسر الجندي الصهيوني “نخشون فاكسمان” والذي تم أسره في التاسع من أكتوبر عام 1994م في القدس، وتم احتجازه في بلدة “بير نبالا- قضاء القدس”، ويظهر الشهيد زهران في إحدى الصور بكل اعتزاز وهو يحمل قطعة السلاح التي كان يملكها الجندي فاكسمان.
عاد شهيدنا بعد عملية أسر الجندي “فاكسمان” إلى السجن، لكن هذه المرة ليس إلى سجون العدو الصهيوني، بل إلى سجون السلطة، وقضى أربع سنوات حتى تم الإفراج عنه عام 1998م، ولم يمكث طويلاً حتى التحق في قافلة الشهداء.
قصة الشهادة
تعود قصة استشهاده إلى عام 1998، حيث قام بعد اغتيال الشهيد محيي الدين الشريف، ومعه الأسيرين سليم أبو عيد وسلمان أبو عيد، بشراء أسلحة من شخص داخل الأراضي المحتلة عام 1948، وكان هذا الشخص مرتبطاً مع الشاباك.
وتم تسليمهم حقيبة سوداء ملغمة، على أساس أن بداخلها سلاح في المنطقة الصناعية برام الله، وبعد أخذهم الحقيبة والابتعاد عن الشخص، تم تفجير الحقيبة داخل السيارة عن بعد من قبل جيش الاحتلال، لأن تلك المنطقة كانت منطقة تماس مع العدو.
وأدى التفجير الذي وقع في 29/09/1998 إلى استشهاد زهران وإصابة سليم وسلمان بجروح بالغة، وتم نقلهما إلى مستشفى رام الله، واعتقلا لاحقاً عام 2004 وحكم على كل منهما 3 مؤبدات في سجون الاحتلال.