الضفة الغربية –
توافق اليوم الذكرى السنوية الـ28 لاستشهاد خلية كتائب القسام “شهداء من أجل الأسرى” والتي كانت حلقة في سلسلة العهد القسامي المستمر بإطلاق سراح الأسرى من سجون الاحتلال.
وكان أبطال الخلية صلاح حسن جاد الله، عبد الكريم ياسين بدر، حسن تيسير النتشة على موعد من الشهادة في شهر أكتوبر عام 1994م، بعدما سطروا ملحمة بطولية شهد العالم كله بها، حيث واجهوا جيشا مدججا بأعتى الأسلحة، وقاوموه حتى الرمق الأخير، مكبدين جنوده الخسائر والفشل الأمني الذريع.
الأسرى أولويات الكتائب
تعد هذه الخلية عنوانا لما تحمله قضية الأسرى من أهمية لدى المجاهدين، وشغلهم الشاغل، حيث لا زالت حرية الأسرى أولوية لدى كتائب القسام، وهذا ما دأب عليه الشهيد صلاح جاد الله وإخوانه في خلية “شهداء لأجل الأسرى” وقرر أن يسلكه إلى نهايته.
استأجر صلاح بيتاً في بير نبالا قضاء رام الله أغلقه بإحكام، وفي صبيحة الأحد التاسع من أكتوبر عام 1994م تحركت السيارة القسامية وهي تحمل أرقاماً إسرائيلية وبداخلها المجاهدون الثلاثة، وعند موقف لجنود الاحتلال توقفت السيارة ليعتليها الجندي الإسرائيلي “نخشون مردخاي فاكسمان” إلى المقر في بير نبالا.
ووصل في ذات اليوم بيان إلى الصليب الأحمر تعلن فيه كتائب القسام مسئوليتها عن أسر الجندي، ويوزع شريط فيديو يظهر فيه الجندي الأسير وخلفه الملثم القسامي الذي لم يكن سوى المجاهد صلاح جاد الله وهو يحمل سلاح الجندي وأوراقه الثبوتية مع إعلان بكافة مطالب الخلية، والتي انحصرت في الإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين.
وغدت هذه الصورة رمزاً للعمل القسامي المتصاعد ومثال فخر وتفاؤل للمستقبل الواعد لأولئك الرجال الذين حملوا أرواحهم على أكفهم وخاضوا بحار المجد والعز والفخار لتسقط أمامهم كل حسابات الأرقام وتوقعات الساسة.
معركة الاستشهاد
حركت عملية الخطف العالم بأسره، ووقف العالم على قدم واحدة طوال ستة أيام متواصلة يرقب نهاية المشهد الدرامي لحرب غير متكافئة الأرقام والحسابات.
خلية بإمكانيات محدودة وقائد شاب، مقابل دولة لها جيشها، ولكن نتيجة المعركة تتحدث عن نفسها.
فشلت المفاوضات مع حكومة الاحتلال في الإفراج عن المعتقلين، وناورت الحكومة لكسب المزيد من الوقت وتم تمديد الزمن إلى 14 أكتوبر، وكان الاحتلال حينها يعتقل جهاد يغمور مراسل الخلية القسامية، وجهزت قيادة الاحتلال وحدة الأركان الخاصة وحاصرت الموقع القسامي في بير نبالا.
وفوجئت الوحدة الخاصة بالجدران المغلقة والموقع المحصن لتقع في شر أعمالها وتغدو أهدافاً سهلة لنيران المجاهدين ويقتل قائد الوحدة الخاصة الإسرائيلية ويصاب ثلاثة عشر آخرين.
أعادت الوحدة الكرة مرة أخرى مع استخدام مكثف للقنابل والمواد المتفجرة لاقتحام المنزل ولكن دون أن تتقدم هذه الوحدة شبرا واحدا، وقد أقسم المجاهدون قسم الاستشهاد وألا تمتد إليهم يد يهودية حاقدة وفيهم عرق ينبض.
وتقدمت الوحدة الإسرائيلية ولكن على جثامين القساميين الثلاثة (صلاح حسن جاد الله، عبد الكريم ياسين بدر، حسن تيسير النتشة) وجثة الجندي المختطف، وقائد القوات المقتحمة.
ونظراً لاستمرار المعركة مدة طويلة بين أعضاء الخلية القسامية ووحدة أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي فقد سميت بمعركة رام الله الكبرى.