مع انقضاء قمة طهران ما زالت المتابعة الإسرائيلية للتعرف إلى تفاصيل جدول أعمالها الحقيقي، وليس الإعلامي، وما حقيقة المصالح المشتركة بين أطرافها الثلاثة، وإلى أي حد تمس بمصالح الاحتلال في المنطقة، وهل لنتائجها عواقب وخيمة على اعتداءاته في سوريا، رغم أن قمة طهران يمكن تفسيرها على أنها رد على قمة جدة بين بايدن والزعماء العرب.
ورغم أن القادة الثلاثة في طهران لم يذكروا الاحتلال بالاسم في بيانهم الختامي، لكن القمة ركزت على بندين أساسيين، وهما: حرب أوكرانيا، والعقوبات على روسيا وإيران، فضلًا عن العملية التركية المرتقبة في شمال سوريا.
التقييمات الإسرائيلية المتوافرة حتى الآن لنتائج قمة طهران تزامنت مع صفقة الطائرات دون طيار التي تنوي إيران بيعها لروسيا، وفق جدول زمني متسارع لمصلحة القتال في أوكرانيا، وسط دعوتهما المشتركة لرحيل القوات الأمريكية من سوريا، تمهيدًا لإخراجها من الشرق الأوسط.
كشفت القراءة الإسرائيلية للسلوك الروسي في القمة عن قدرة موسكو اللافتة على محافظتها على علاقات جيدة مع الجميع، حتى الأعداء: السعودية وإيران، تركيا والأكراد، سوريا و(إسرائيل)، قبرص وتركيا، حزب الله و(إسرائيل)، (إسرائيل) وإيران، فلسطين و(إسرائيل)، ما قد يمنح الاحتلال جملة من الفرص والمخاطر في آن واحد معاً.
ورغم توافق أطراف القمة الثلاثية معاً على إدانة الهجمات الإسرائيلية ضد سوريا، من الصعب رؤية روسيا تفسد علاقاتها مع (إسرائيل) لمصلحة إيران في سوريا، ولا يوجد منطق يدفعها لفتح جبهة أخرى ضد الجيش الإسرائيلي.
تتحدث المحافل الإسرائيلية عن عدم وجود اتفاق تنسيق مكتوب خطي مع روسيا لمنع ترسيخ الوجود العسكري الإيراني في سوريا، لكن الموجود هو آلية “منع الاصطدام”، بما يخدم كلا الجانبين، مع أن دولة الاحتلال تسعى للاستمرار في مهاجمة الأهداف الإيرانية في سوريا حتى دون آلية منع الاصطدام مع الروس، رغم أن قواتهم الجوية قد تفرض المزيد من القيود على الملف التشغيلي الإسرائيلي، فضلًا عن توفير مئات الطائرات دون طيار لسوريا.
كما أن مصدر القلق الإسرائيلي من نتائج قمة طهران “غير المعلنة” أنه على خلفية إمداد روسيا بطائرات دون طيار إيرانية تزداد احتمالية بيع أنظمة أسلحة روسية متطورة لإيران قد تقوض ميزان القوى والاستقرار في المنطقة، وبعد أن ترددت موسكو في الماضي في بيع أنظمة إس400 لطهران قد تدفع الآن من أجل ذلك.
الخلاصة الإسرائيلية أن قمة طهران هي “نقيض” زيارة بايدن إلى الشرق الأوسط، ما سيجعل نتائج القمة الثلاثية فرصة لاختبار القدرة على ترجمة التصريحات إلى تحركات عملية على الأرض، وفي هذه الحالة سينتج عنها آثار إستراتيجية، وسيكون الاحتلال من الدول المتأثرة على الفور بنتائجها.